للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وذلك قبل معاينة المَلَك وبداية النزاع والقبض؛ ولو كان في حال المعاينة والنزع لما نفعه الإيمان لقوله تعالى: {وَلَيسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَال إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} ويدل على أنه قبل المعاينة محاورته للنبي صلى الله عليه وسلم ومع كفار قريش، كذا في النواوي، وأبو طالب هذا هو ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم ووالد علي بن أبي طالب، واسمه عبد مناف، وقيل: اسمه كنيته والأول أصح، واسم عبد المطلب شيبة وكان يقال له: شيبة الحمد واسم هاشم: عمرو؛ وهاشم لقب له لأنه أول من هشم الثريد لقومه، واسم عبد مناف: المغيرة، واسم قصي: زيد، وقيل له مُجمِّعٌ لأنه جمع إليه قومه، وكان والد النبي صلى الله عليه وسلم وهو عبد الله قد توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم حملٌ في بطن أمه على الأصح فوُلد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونشأ في كفالة جده عبد المطلب إلى أن توفي، فكفله عمه أبو طالب؛ ولم يزل يُحبه حُبًّا شديدًا ويحوطه ويحفظه إلى أن بعث الله سبحانه محمدًا صلى الله عليه وسلم بالنبوة فنصره أبو طالب وأعانه وأجاره ممن يريد به سوءًا، وقام دونه وعادى في حقه قريشًا وجميع العرب إلى أن ناصبوه القتال، وجاهروا بالعداوة والأذى؟ وطلبوا أن يسلمه لهم فلم يفعل؛ ثم إن قريشًا وجميع أهل مكة تعاقدوا فيما بينهم وتحالفوا على هجره وجميع بني هاشم ومقاطعتهم وعلى أن لا يقاربوهم ولا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يصلوهم بشيء من وجوه الرفق كلها حتى يُسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في الكعبة؛ فانحاز أبو طالب وبنو هاشم في شعبهم وأقاموا على ذلك نحو ثلاث سنين في جهد جهيد وحال شديد؛ إلى أن نقض الله سبحانه أمر الصحيفة وأظهر أمر نبيه صلى الله عليه وسلم على ما هو مذكور في كتب السيرة.

وكان أبو طالب يَعرفُ صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما يقوله ويقول لقريش تعلمون والله أن محمدًا لم يكذب قط، ويقول لابنه علي اتبعه فإنه على الحق؛ غير أنه لم يدخل في الإسلام ولم يتلفظ به، ولم يزل على ذلك إلى أن حضرته الوفاة؛ فدخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم طامعًا في إسلامه وحريصًا عليه باذلًا في ذلك جهده؛ مستفرغًا ما عنده؛ لكن عاقت دون ذلك عوائق الأقدار التي لا ينفع معها حرص ولا اقتدار.

<<  <  ج: ص:  >  >>