التمر إلا إذا علم طيب نفس صاحبه بالأصل المذكور بهذا الحديث وذهب بعض المحدثين إلى أن ذلك يحل وإن لم يعلم حال صاحبه لأنَّ ذلك حق جعله الشرع له تمسكًا بما رواه أبو داود عن الحسن عن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا أتى أحدكم على ماشية فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه فإن أذن له وإلا فليحلب وليشرب لا يحمل رواه أبو داود [٢٦١٩]، وذكره الترمذي عن يحيى بن سليم عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من دخل حائطًا فليأكل ولا يتخذ خبنة رواه الترمذي [١٢٨٧]، وقال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سليم وذكر من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الثمر المعلق فقال: من أصاب منه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه وقال فيه حديث حسن (قلت) ولا حجة في شيء من هذه الأحاديث لأوجه: أحدها: أن التمسك بالقاعدة المعلومة أولى وثانيها: أن حديث النهي أصح سندًا فهو أرجح وثالثها: أن ذلك محمول على ما إذا علم طيب نفوس أرباب الأموال بالعادة أو بغيرها ورابعها: أن ذلك محمول على أوقات المجاعة والضرورة كما كان ذلك في أول الإِسلام والله تعالى أعلم.
(فرع) لو اضطر فلم يجد ميتة وجب عليه إحياء رمقه من مال الغير وهل يلزمه قيمة ما أكل أم لا قولان في المذهب والجمهور على وجوبها عليه إذا أمكنه ذلك فإن وجد ميتة وطعامًا للغير فإن أمن على نفسه من القطع والضرر أكل ويغرم قيمته وقيل: لا يغرم وإن لم يأمن على نفسه أكل الميتة قاله مالك غير أنَّه قد جرت عادة بعض الناس بالمسامحة في أكل بعض الثمر كما اتفق في بعض بلادنا وفي شرب بعض لبن الماشية كما كان ذلك في أهل الحجاز فيكون استمرار العادة بذلك وترك النكير فيه دليل على إباحة ذلك ولذلك شرب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر - رضي الله عنه - من لبن غنم الراعي في طريق الهجرة ويمكن أن تحمل الأحاديث المتقدمة على العادة الجارية عندهم في اللبن والثمرة اهـ من المفهم.
ومنهم من جمع بين أحاديث الإذن وأحاديث النهي بوجوه من الجمع فمنها حمل الإذن على ما إذا علم طيب نفس صاحبه والنهي على ما إذا لم يعلم ومنها تخصيص الإذن بابن السبيل دون غيره أو بالمضطر أو بحال المجاعة مطلقًا وحكى ابن بطال عن