والبقر والغنم ولكنه في الغنم يقع أكثر قاله في النهاية وإنما خص اللبن بالذكر لتساهل الناس فيه (أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته) بفتح الميم وضم الراء وقد تفتح أي أن تفتح غرفته وموضعه العالي الذي يخزن فيه طعامه ومتاعه قال ابن الملك: الاستفهام فيه للإنكار يعني لا يحب أحد ذلك (فتكسر خزانته فينتقل طعامه) أي يؤخذ طعامه وهو بالبناء للمجهول من الانتقال أي فيحول طعامه من مكان إلى آخر وقد وقع في بعض النسخ (فينتثل) بالثاء بدل القاف وهو من النثل وهو النثر مرة واحدة بسرعة وقيل: الاستخراج وهو أخص من النقل أي: ينثر ويستخرج (إنما تخزن) من باب نصر أي إنما تجمع وتحفظ (لهم ضروع مواشيهم) بالرفع على الفاعلية وقوله (أطعمتهم) بالنصب على المفعولية أي ألبانهم التي هي طعامهم وقوتهم والضروع جمع ضرع والضرع للبهائم كالثدي للمرأة (فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه) وفي تشبيه الضرع بالمشربة وهي الغرفة إشارة إلى أن حرز الضرع مستوثق في الشرع جدًّا لأنه شبهه بالغرفة التي يصعب صعودها وربما تكون مقفلة بحيث لا يظفر بما فيها إلا بالكسر فينبغي أن لا تحلب الماشية إلا بإذنه. وفي القرطبي والمشربة سقيفة يختزن فيها الطعام وقيل هي كالغرفة وفيه من الفقه استعمال القياس وإباحة خزن الطعام واحتكاره إلى وقت الحاجة خلافًا لغلاة المتزهدة القائلة لا يجوز الادخار مطلقًا (وينتقل طعامه) معناه يؤخذ وينقل إلى موضع آخر وهو معنى (ينتثل) في الرواية الأخرى إلا أن النثر بمرة واحدة يقال: نثل ما في كنانته أي صبها.
وقوله (لا يحلبن أحد ماشية أحد) إلخ إنما نهى عن ذلك لأنَّ أصل الأملاك بقاؤها على ملك ملاكها وتحريمها على غيرهم كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا) وكما تقدم من قوله - صلى الله عليه وسلم - إنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه إلى غير ذلك وهذا أصل ضروري معلوم من الشرائع كلها وإنما خص اللبن بالذكر لتساهل الناس في تناوله كما مر آنفًا ولا فرق بين اللبن والثمرة وغيرها في ذلك غير أن العلماء قد اختلفوا فيهما فذهب الجمهور إلى أنَّه لا يحل شيء من لبن الماشية ولا من