للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَذَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ. فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ. فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: ٩] فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلائِكَةِ.

قَال أَبُو زُمَيلٍ: فَحَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَال: بَينَمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُ فِي أَثَرِ رَجُلٍ

ــ

كذاك) هكذا وقع لجماهير رواة مسلم (كذاك) بالذال ولبعضهم (كفاك) بالفاء وفي رواية البخاري (حسبك) وكل بمعنى يكفيك (مناشدتك) ضبطه بعضهم بالرفع على أنه فاعل لما قبله من اسم الفعل أي يكفيك مناشدتك (ربك) بالنصب على أنه مفعول المناشدة وضبطه أي ضبط قوله مناشدتك بعضهم بالنصب على أنه مفعول لاسم الفعل لأنه يكون حينئذٍ بمعنى الكف أي كف واترك مناشدتك ربك هكذا واقتصر عليه (فإنه) سبحانه (سينجز) أي سيوفي (لك ما وعدك) من النصر على أعدائك والمناشدة: الدعاء برفع الصوت وما يكون سرًّا يسمى مناشدة قال العلماء: هذه المناشدة إنما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ليراه أصحابه بتلك الحال فتقوى قلوبهم بدعائه وتضرعه مع أن الدعاء عبادة كذا في شرح النووي قوله (فإنه سينجز لك ما وعدك) قال البغوي في شرح السنة قال ذلك أبو بكر لأن حال أبي بكر في الثقة بربه كان أرفع ولا يجوز لأحد أن يجزم ذلك والحامل له على هذا الدعاء الشفقة منه صلى الله عليه وسلم على قلوب أصحابه والتقوية لعزيمتهم إذ كان ذلك أول مشهد شهده وكانوا مكثورين بأضعاف من أعدائه فابتهل - عليه السلام - في الدعاء والمسألة ليسكن بذلك ما في نفوسهم إذ كانوا يعلمون أن دعوته مستجابة فلما قال له أبو بكر: حسبك كف من الدعاء إذ قد علم أنه قد استجيب دعاؤه بما وجده أبو بكر في نفسه من المنة والقوة حتى قال هذا القول اهـ منه. (فأنزل الله عزَّ وجلَّ) قوله: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩)} قوله (ممدكم) أي معينكم من الإمداد وهو الإعانة وقوله (مردفين) جمع مردف والمردف المتقدم الذي أردف غيره أي متتابعين يردف بعضهم بعضًا أو مردفين ملائكة أخرى مثلهم فيكونون ألفين هذا ما في سورة الأنفال وفي سورة آل عمران بثلاثة آلاف ثم بخمسة آلاف (فأمده الله) تعالى أي أعانه على أعدائه (بالملائكة) أي بمدد الملائكة وأعوانهم معطوف على أنزل (قال أبو زميل) سماك بن الوليد بالسند السابق (فحدثني ابن عباس) فـ (ـقال: بينما رجل من المسلمين يومئذٍ) أي يوم إذ كانت وقعة بدر (يشتد) أي يعدو (في أثر رجل) أي

<<  <  ج: ص:  >  >>