فَلَما التَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ، وَلَّى المسلِمُونَ مُدْبِرِينَ. فَطَفِقَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلمَ يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ قِبَلَ الْكُفَّارِ. قَال عَباس: وَأَنَا آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَةِ رَسُولِ الله صلى اللًهُ عَلَيهِ وَسَلمَ. أَكُفُّهَا إِرَادَةَ أَنْ لَا تُسْرعَ. وَأَبُو سُفْيَانَ آخِذٌ بِرِكَابِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ: "أَي عَباسُ! نَادِ
ــ
إسحاق: وبعث فروة بن عمرو بن النافرة البناني الجذامي إلى النبي صلى الله عليه وسلم رسولًا بإسلامه وأهدى له بغلة بيضاء فبلغ الروم إسلامه فطلبوه فحبسوه ثم قتلوه فقال في ذلك أبياتًا منها قوله:
أبلغ سراة المسلمين بأنني ... مسلم لربي أعظمي وبناني
اهـ من الإصابة [٣/ ٢٠٧] ثم ركوبه صلى الله عليه وسلم البغلة في موطن الحرب وعند اشتداد الناس هو النهاية في الشجاعة والثبات ولأنه يكون أيضًا معتمدًا يرجع المسلمون إليه وتطمئن قلوبهم به وبمكانه وإنما فعل هذا عمدًا وإلا فقد كانت له صلى الله عليه وسلم أفراس معروفة ومما ذكره في هذا الحديث من شجاعته صلى الله عليه وسلم تقدمه يركض بغلته إلى جمع المشركين وقد فر الناس عنه وفي الرواية الأخرى أنه نزل إلى الأرض حين غشوه وهذه مبالغة في الثبات والشجاعة والصبر وقيل فعل ذلك مواساة لمن كان نازلًا على الأرض من المسلمين وقد أخبر الصحابة رضي الله عنهم بشجاعته في جميع المواطن وفي صحيح مسلم قال إن الشجاع منا الذي يحاذى به وإنهم كانوا يتقون به اهـ من النووي (فلما التقى المسلمون والكفار) وتقابلوا (ولى المسلمون) أي هربوا وانهزموا مدبرين أي جاعلين دبرهم إلى الكفار وهي حال مؤكدة لعاملها من غير لفظه (فطفق) أي شرع (رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض) أي يُجري (بغلته) وشرع بها (قبل الكفار) أي جهتهم ومعنى (يركض بغلته) أي يضربها برجله الشريفة على كبدها لتسرع (قال عباس) بن عبد المطلب: (وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم) واللجام الحديدة التي تجعل في فم الدابة حالة كوني (أكفها) أي أمنعها عن الإسراع وقوله (إرادة أن لا تسرع) إلى جهة العدو مفعول لأجله لآخذ منصوب به (وأبو سفيان آخذ بركاب) بغلة (رسول الله صلى الله عليه وسلم) لئلا تسرع والركاب الحديدة التي يجعل الراكب فيها قدمه (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي عباس ناد