أصحاب السمرة) أي يا عباس ناد أصحاب الشجرة المسماة بالسمرة التي بايعوا تحتها بيعة الرضوان كما قال تعالى:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}(والسمرة) بفتح السين وضم الميم شجرة معروفة صغيرة الورق الشوك وله ثمرة صفراء يأكلها الناس وليس في العضاه شيء أجود خشبًا منها ينقل إلى القرى فتغمى به البيوت كما في تاج العروس [٣/ ٢٧٨] والمراد ها هنا الشجرة التي بايع الصحابة تحتها بيعة الرضوان يوم الحديبية وإنما ناداهم بأصحاب السمرة لتذكيرهم عهدهم الذين عاهدوا به في الحديبية (فقال عباس وكان) العباس (رجلًا صيتًا) وجملة كان كلام مدرج من بعض الرواة أو من ولده كثير معترض بين قال ومقوله وهو جملة قوله فقلت ومعنى صيتًا أي مديد الصوت قويه رفيعه وحكى النووي عن الحازمي أن العباس رضي الله عنه كان يقف على سلع فينادي غلمانه في آخر الليل وهم في الغابة فيسمعهم وبين سلع والغابة ثمانية أميال وسلع بالفتح جبيل في المدينة والغابة موضع من عواليها كما في تاج العروس وقال الشيخ ذهني في تعليقه ومَرَّ بي في بعض الكتب أن العباس كان يزجر السباع عن الغنم فيفتق مرارة السبع في جوفه وهذا أغرب مما ذكره النووي قال العباس: (فقلت بأعلى صوتي): وأرفعه (أين أصحاب السمرة قال) العباس: (فوالله لكان عطفتهم) وعودتهم ورجوعهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (عطفة البقر) أي عطفة أمهات البقر وعودتها (على أولادها) عند حنين الأولاد لفقد الأمهات أي عودهم إلى مكانهم وإقبالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تعطف البقرة على أولادها عند سماع حنينها وفيه دليل على أن فرار المسلمين لم يكن بعيدًا وأنه لم يحصل الفرار من جميعهم وإنما فتحه عليهم من في قلبه مرض من مسلمة أهل مكة المؤلفة ومشركيها الذين لم يكونوا أسلموا وإنما كانت هزيمتهم فجأة لانصبابهم عليهم دفعة واحدة ورشقهم بالسهام لاختلاط أهل مكة معهم ممن لم يستقر الإيمان في قلبه وممن يتربص بالمؤمنين الدوائر وفيهم نساء وصبيان خرجوا للغنيمة فتقدم أخفاؤهم فلما رشقوهم بالنبل ولوا فانقلبت أولاهم على أخراهم إلى أن أنزل الله سكينته على المؤمنين كما ذكر الله تعالى في القرآن اهـ نووي (فـ) ـلما سمعوا