الأنصار ولعلك يا رسول الله خرجت لأمر فأحدث الله غيره فامض لما شئت وصل حبال من شئت واقطع حبال من شئت وسالم من شئت وعاد من شئت وخذ من أموالنا ما شئت وأعطنا ما شئت وما أخذت منا أحب إلينا مما تركت وما أمرت به من أمر فأمرنا تبع لأمرك لئن سرت حتى تأتي برك الغماد من ذي يمن لنسيرن معك فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن نلقى عدونا إنا لصبر عند الحرب صدق عند اللقاء ولعل الله أن يريك منا ما تقر به عينك فسر على بركة الله). وقوله (فقام سعد بن عبادة) هو من سادة الأنصار وجيه فيهم فأجاب أحسن جواب بالموافقة التامة كما ذكرنا كلامه آنفًا (والذي) أي أقسمت بالإله الذي (نفسي) وروحي (بيده) المقدسة (لو أمرتنا) معاشر الأنصار (أن نخيضها) بضم النون من أخاض الرباعي والضمير للخيل مع عدم ذكرها وقد كانت العرب تضمر بعض الأشياء بدون ذكرها كانها معهودة في الذهن منها الخيل والنون أي لو أمرتنا أن ندخل خيولنا أي أمرتنا بإدخال خيولنا في (البحر) وتمشيتنا إياها فيه لقتال العدو فضلًا عن تمشيتها في البر (لأخضناها) أي لأدخلناها في البحر معك (ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها) جمع كبد هو كناية عن ركضها فإن الفارس إذا أراد ركض مركوبه يحرك رجليه من جانبيه ضاربًا على موضع كبده أي لو أمرتنا أن نركضها ونجري بها ونسرع بها (إلى) أن نصل بها (برك الغماد) في جهاد العدو (لفعلنا) ما أمرتنا به فنحن يا رسول الله على طاعتك وسمعك في المكره والمنشط (وبرك الغماد) بفتح الباء وإسكان الراء وهو المشهور في كتب الحديث وذكره بعض أهل اللغة بكسر الراء وبعضهم بفتحها ولكن الأصح الإسكان وأما الغماد فالغين فيه مكسورة أو مضمومة لغتان مشهورتان لكن الكسر أفصح وهو المشهور في روايات المحدثين والضم هو المشهور في كتب اللغة (وبرك الغماد) موضع من وراء مكة بخمس ليال بناحية الساحل وقيل: إنه موضع بأقاصي هجر وقال إبراهيم الحربي: برك الغماد وسعفات هجر كناية يقال فيما تباعد اهـ نووي وقال في القاموس برك الغماد موضع أو هو أقصى معمور الأرض اهـ (قال) أنس: (فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس) أي دعاهم وجمعهم (فانطلقوا) أي ذهبوا (حتى نزلوا بدرًا) بفتح الباء