وقوله (سعد بن عبادة) كذا وقع في جميع نسخ صحيح مسلم ولكنه مشكل جدًّا لأن المعروف أن سعد بن عبادة لم يشهد بدرًا كان يتهيأ للخروج فنهس فأقام ولكن ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم لكونه حريصًا على الخروج وقعوده من أجل عذر مفاجئ كما في الإصابة [٢/ ٢٧]، وفتح الباري [٧/ ٢٨٨]، فالصحيح المحفوظ في سائر الروايات أن الذي قال هذا الكلام إنما هو سعد بن معاذ لا سعد بن عبادة بذلك اتفقت روايات أصحاب السير وقال الحافظ في الفتح [٧/ ٢٨٨] ووقع في مسلم أن سعد بن عبادة هو الذي قال ذلك وكذا أخرجه ابن أبي شيبة من مرسل عكرمة وفيه نظر لأن سعد بن عبادة لم يشهد بدرًا ثم قال ووقع عند الطبراني أن سعد بن عبادة قال ذلك بالحديبية وهذا أولى بالصواب فالظاهر أنه وقع في الفقرة الأولى من حديث الباب وهم من أحد الرواة في الجهتين الأولى أنه ذكر هذه المشاورة التي تكلم فيها سعد وغيره بالمدينة مع أنها كانت بعد الخروج منها وقد أجبنا عن ذلك في حلنا والثانية أنه سمى المتكلم من الأنصار سعد بن عبادة والصحيح أنه سعد بن معاذ وقد أخرج أبو داود حديث أنس هذا من طريق موسى بن إسماعيل عن حماد فلم يذكر هذه الفقرة وقد مر غير مرة أن وقوع مثل هذه الأوهام في بعض تفاصيل القصة وحواشيها لا يجرح في صحة أصل الحديث اهـ تكملة.
قال النووي: إن قصد النبي صلى الله عليه وسلم من هذه المشاورة اختبار الأنصار لأنه لم يكن بايعهم على أن يخرجوا معه للقتال وطلب العدو وإنما بايعهم ليلة العقبة على أن يمنعوه ممن يقصده فلما عرض الخروج لعير أبي سفيان أراد أن يعلم أنهم يوافقون على ذلك اهـ وقوله (إيانا تريد يا رسول الله) كأنه فهم ما أراد النبي صلى الله عليه وسلم من أن يتكلم الأنصار واختصر الراوي كلمته ها هنا وفصلها الزرقاني في شرحه للمواهب [١/ ٤١٣] مجموعة من رواية ابن إسحاق وابن عائذ وابن أبي شيبة وغيرهم ولفظها.
(قد آمنا بك وصدقناك وصدقنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودًا ومواثيق على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما أردت ولعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى عليها أن لا ينصروك إلا في ديارهم وإني أقول عن الأنصار وأجيب عن