قُرِرْتُ. فَأَلْبَسَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ فَضْلِ عَبَاءَةٍ كَانَتْ عَلَيهِ يُصَلِّي فِيهَا. فَلَمْ أَزَلْ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحْتُ. فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قَال:"قُمْ يَا نَوْمَانُ"
ــ
القوم (قررت) بالبناء للمجهول أي أخذت بالقر وهو البرد يعني أصابني القر وعاد إليَّ القر الذي يجده الناس (فألبسني رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضل عباءة كانت عليه) صلى الله عليه وسلم (يصلي فيها) صلاة الليل أي بشيء فاضل عن جسده من العباءة التي كانت عليه تدفئة لي من البرد الذي رجع إلي والعباءة والعباية بزيادة الياء لغتان مشهورتان معروفتان قال في المنجد العباءة كساء مفتوح من قدام يلبس فوق الثياب.
قال حذيفة:(فلم أزل) أنا (نائمًا) تحت عباءته (حتى أصبحت) أي دخلت في الصباح يعني طلع الفجر (فلما أصبحت قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قم) للصلاة (يا نومان) أي يا كثير النوم ونومان بفتح النون وإسكان الواو كثير النوم وأكثر ما يستعمل في النداء كما استعمله هنا فيه وهذا خطاب من النبي صلى الله عليه وسلم لحذيفة فيه لطف كما لا يخفى.
(قوله فرجعت وأنا أمشي في مثل الحمام) اختصر الراوي القصة في رواية ابن إسحاق ولفظها (قال: فذهبت فدخلت في القوم والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل لا تقر لهم قدرًا ولا نارًا ولا بناءً فقام أبو سفيان فقال: يا معشر قريش لينظر امرؤ من جليسه لئلا يكون فيهم جاسوس للمسلمين) قال حذيفة: فأخذت بيد الرجل الذي كان إلى جنبي فقلت من أنت إنما بادر بالأخذ بيده لئلا يسبقه ذلك الرجل وليشغله الدفاع عن نفسه عن السؤال عن حذيفة وذلك من فراسته رضي الله عنه قال فلان بن فلان ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام لقد هلك الكراع (يعني الفرس) والخف (يعني البعير) وأخلفتنا بنو قريظة وبلغنا عنهم الذي نكره ولقينا من شدة الريح ما ترون ما تطمئن لنا قدر ولا تقوم لنا نار ولا يستمسك لنا نبأ فارتحلوا فإني مرتحل ثم قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب به على ثلاث فوالله ما أطلق عقاله إلا وهو قائم ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي ألا تحدث شيئًا حتى تأتيني ثم شئت لقتلته بسهم قال حذيفة: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي في مرط لبعض نسائه وهذا الحديث مما انفرد به مسلم رحمه الله عن أصحاب الأمهات ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه فقال.