أَشْقَى الْقَوْمِ فَأَخَذَهُ. فَلَمَّا سَجَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَضَعَهُ بَينَ كَتِفَيهِ. قَال: فَاسْتَضْحَكُوا. وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَمِيلُ عَلَى بَعْضٍ. وَأَنَا قَائِمٌ أَنْظُرُ. لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَةٌ طَرَحْتُهُ عَنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
ــ
قام بسرعة (أشقى القوم) أي أشدهم شقاوة وأخبثهم نفسًا أي بعثته نفسه الخبيثة من بينهم فأسرع السير إلى الإتيان بها وهو كما هو مصرح في رواية شعبة الآتية عقبة بن أبي معيط بضم الميم وفتح العين وإنما صار أشقاهم لانفراده في هذه الخباثة بالمباشرة قتله النبي صلى الله عليه وسلم صبرًا بعد انصرافه عن بدر (فأخذه) وأتى به (فلما سجد النبي صلى الله عليه وسلم) أي هوى للسجود (وضعه بين كتفيه) استشكله الفقهاء بأنه كيف استمر النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته مع كون هذه النجاسة بين كتفيه واستدل به بعضهم على أن من ألقي على ظهره نجاسة بغير اختياره فإن صلاته جائزة وإليه يظهر ميلان البخاري حيث ترجم على هذا الحديث (باب إذا ألقي على ظهر المصلي قذر أو جيفة لم تفسد عليه صلاته) وأجاب عنه النووي بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم ما وضع على ظهره ولا يدرى هل كانت صلاته فريضة أو نافلة وعلى كونها فريضة يحتمل أن يكون أعادها بعدما علم ولا حاجة إلى الإعادة على كونها نافلة أيضًا فيجاب باحتمال الإعادة كما في الفريضة وأجاب عنه الخطابي بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن تعبد إذ ذاك بتحريمه كالخمر كانوا يلابسون الصلاة وهي تصيب ثيابهم وأبدانهم قبل نزول التحريم فلما حرمت لم تجز الصلاة فيها وتعقبه ابن بطال بأنه لا شك أنها كانت بعد نزول قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)} لأنها أول ما نزل عليه صلى الله عليه وسلم من القرآن قبل كل صلاة كذا في عمدة القاري [١/ ٥٤٣].
(قال) ابن مسعود: (فاستضحكوا) أي حملوا أنفسهم على الضحك والسخرية ثم أخذهم الضحك جدًّا فجعلوا يضحكون يميل بعضهم على بعض من كثرة الضحك قاتلهم الله تعالى كما قال (وجعل بعضهم يميل على بعض وأنا قائم انظر) إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما أستطيع أن أطرحها عنه والله (لو كانت لي منعة) أي قدرة على طرحها عنه لـ (ـطرحته) أي لطرحت ذلك السلا (عن ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولكن لا طاقة لي لخوف إذايتهم وقوله (منعة) بفتح النون وقيل بإسكانه ورجح النووي الأول وجزم القرطبي بالثاني ورجحه القزاز والهروي كما في فتح الباري والمنعة القوة أو