وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَاجِدٌ, مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ. حَتَّى انْطَلَقَ إِنْسَانٌ فَأَخْبَرَ فَاطِمَةَ. فَجَاءَتْ, وَهِيَ جُوَيرِيَةُ, فَطَرَحَتْهُ عَنْهُ. ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيهِمْ تَشْتِمُهُمْ. فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلاتَهُ رَفَعَ صَوْتَهُ ثُمَّ دَعَا عَلَيهِمْ. وَكَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلاثًا, وَإِذَا سَأَلَ, سَأَلَ ثَلاثًا. ثُمَّ قَال:"اللَّهُمَّ عَلَيكَ بِقُرَيشٍ" ثَلاثَ مَرَّاتٍ. فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَهُ ذَهَبَ عَنْهُمُ الضِّحْكُ. وَخَافُوا دَعْوَتَهُ
ــ
العشيرة وعلى هذا فالمنعة جمع مانع ككتبة وكاتب أي لو كان لي عشيرة بمكة وقال الفيومي هو في منعة أي في عز قومه فلا يقدر عليه من يريده قال الزمخشري وهي مصدر مثل الأنفة والعظمة أو جمع مانع وهم العشيرة والحماة وإنما قال ذلك لأنه لم يكن له بمكة عشيرة لكونه هذليًا حليفًا وكان حلفاؤه إذ ذاك كفارًا (والنبي صلى الله عليه وسلم ساجد) أي مستمر في السجود (ما يرفع رأسه) منه (حتى انطلق إنسان) ممن رآه كذلك لعله من ضعفاء المسلمين أو هو الراوي نفسه كله محتمل (فأخبر) ذلك الإنسان (فاطمة) بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أخبرها ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وما كان عليه المشركون (فجاءت) فاطمة (وهي) يومئذٍ (جويرية) تصغير جارية بمعنى شابة يعني أنها إذ ذاك ليست بكبيرة (فطرحته) أي طرحت السلا عنه أي عن ظهره صلى الله عليه وسلم (ثم أقبلت) فاطمة بوجهها (عليهم) أي على المشركين حالة كونها (تشتمهم) أي تسبهم والشتم وصف الرجل بما فيه إزراء ونقص وبابه ضرب كما في المصباح وفي نسخة (تسبهم) والسب الشتم الوجيع وبابه قتل قال تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ} الآية (فلما قضى) وأتم (النبي صلى الله عليه وسلم صلاته رفع صوته) بالدعاء عليهم (ثم دعا عليهم) أي على المشركين باللعن (وكان) صلى الله عليه وسلم في عادته (إذا دعا) الله بشيء من حوائجه (دعا ثلاثًا) أي كرر دعاءه ثلاث مرات قال الحافظ: والظاهر منه أن الدعاء المذكور وقع خارج الصلاة لكن وقع وهو مستقبل الكعبة كما ثبت من رواية زهير عن أبي إسحاق عند الشيخين وقوله (وإذا سأل سأل ثلاثًا) هو أيضًا بمعنى دعا عطفه عليه توكيدًا لاختلاف اللفظين وفيه استحباب تكرير الدعاء ثلاثًا (ثم) بعدما دعا النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا (قال: اللهم عليك بـ) ـإهلاك (قريش ثلاث مرات) أي قالها ثلاث مرات (فلما سمعوا) أي سمعت قريش (صوته) صلى الله عليه وسلم بالدعاء عليهم (ذهب عنهم الضحك وخافوا دعوته) أي إصابتها إياهم وإجابتها في حقهم