بما أنشده غيره أو قاله من قبل نفسه غير قاصد لإنشائه فخرج موزونًا على أوزان الرجز وبالأول جزم الطبري ويؤيده أن ابن أبي الدنيا في محاسبة النفس أورده لعبد الله بن رواحة فذكر أن جعفر بن أبي طالب لما قتل في غزوة مؤتة بعد أن قتل زيد بن حارثة فأخذ اللواء عبد الله بن رواحة فقاتل فأصيب إصبعه فارتجز وجعل يقول هذا البيت:
هل أنت إلا أصبع دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت
وزاد بعده هذين البيتين:
يا نفس إن لم تقتلي تموتي ... هذي حياض الموت قد صليت
وما تمنيت فقد لقيت ... إن تفعلي فعلهما هديت
وهكذا جزم ابن التين بأنه من شعر ابن رواحة وما في قوله (وفي سبيل الله ما لقيت) موصولة أن الذي لقيته وتحملته من الأذى فهو محسوب في سبيل الله تعالى وقد اختلف في جواز تمثل النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من الشعر وإنشاده حاكيًا عن غيره فالصحيح جوازه وقد أخرج البخاري في الأدب المفرد والترمذي وصححه والنسائي من رواية المقدام بن شريح عن أبيه قلت لعائشة: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر قالت: كان يتمثل من شعر ابن رواحة:
ويأتيك بالأخبار من لم تزود.
وأخرج ابن أبي شيبة من مرسل أبي جعفر الخطمي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبني المسجد وعبد الله بن رواحة يقول:
أفلح من يعالج المساجدا
فيقولها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول ابن رواحة:
يتلو القرآن قائمًا وساجدا
فيقولها رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا كله ملخص ما في فتح الباري [١/ ٥٤١]، وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الجهاد باب من ينكب في سبيل الله [٢٨٠٢]، وفي الأدب باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه [٦١٤٦]، وفي غيرهما والترمذي أخرجه في التفسير باب ومن سورة اقرأ باسم ربك [٣٣٤٦]، ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جندب رضي الله عنه فقال.