الزُّهريّ أخبرني سالم) بن عبد الله بن عمر (عن) أبيه (بن عمر) رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته (قال) ابن عمر: (دخلت على) شقيقتي (حفصة) بنت عمر زوج النَّبيِّ صَلَّى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها (فقالت) لي حفصة: (أعلمت) أي هل علمت (أن أباك غير مستخلف) أي غير مريد الاستخلاف (قال) ابن عمر (قلت) لها (ما كان) أبي عمر (ليفعل) ذلك أي ترك الاستخلاف بنصب الفعل بعد اللام لأنها لام جحود مسبوقة بكان المنفية بما كما قال بعضهم:
فكل لام بعد ما كانا ... أو لم يكن فبالجحود بانا
يعني ما كان ليترك الاستخلاف (قالت) حفصة: (إنَّه) أي إن أباك (فاعل) ذلك أي ترك الاستخلاف تعني أنَّه لا يستخلف أحدًا (قال) ابن عمر: (فحلفت) أي أقسمت على (أني كلمه في ذلك) أي في طلب الاستخلاف منه (فسكت) بتشديد التاء لأنَّه أدغمت تاء الكلمة في تاء المتكلم أي سكت عن تكليمه في هذا اليوم (حتَّى غدوت) وذهبت إليه في الغد قال الذهني أي حتَّى ذهبت إليه غدوة هذا هو الأصل في معنى الكلمة ثم أكثر استعمالها حتَّى استعملت في الذهاب والانطلاق أي وقت كان كما أفاده في المصباح والغدوة ما بين صلاة الصبح وطلوع الشَّمس أي فسكت في اليوم الأوَّل الذي أقسمت فيه حتَّى غدوت وبكرت إليه في اليوم الثَّاني لأكلمه (ولم أكلمه) حين غدوت إليه للتكليم هيبة منه (قال) ابن عمر: (فكنت) بعد قسمي (كأنما أحمل) فوق رأسي (بـ) ـسبب (يميني) وقسمي (جبلًا) من جبال الأرض يعني ثقل عليه أن يكلمه فيه حتَّى كأنه يحمل جبلًا يعني كان يشق عليه أن يتكلم عند عمر رضي الله عنه في هذا الأمر إما لأن الموضوع خطير ومكالمة الفاروق في ذلك مهيب وإما لأنه كان الحض على الاستخلاف في موضع تهمة فربما يخيل إلى بعض النَّاس أن يطمع هو في استخلاف نفسه ولم أزل كذلك (حتَّى رجعت) إليه ثانيًا (فدخلت عليه فسألني عن حال النَّاس) هل هم متفقون في شؤونهم