الدينية والدنيوية أم مختلفون (وأنا) أي والحال أني (أخبره) عن أحوال النَّاس (قال) ابن عمر (ثم قلت له) أي لعمر (إني سمعت النَّاس يقولون مقالةً) ويتحدثونها فيما بينهم (فـ) ـلما سمعتها (آليت) أي حلفت وأقسمت من الإيلاء وهو الحلف أي أقسمت على (أن أقولها) وأخبرها (لك) وأن أسألك عنها (زعموا) أي زعم النَّاس وقالوا (إنك) يا والدي (غير مستخلف) أي غير مريد الاستخلاف أي استخلاف أحد مقامك (و) أنا أقول لك يا والدي (لو كان لك راعي إبل أو راعي غنم) أو للتفصيل والتنويع لا للشك (ثم جاءك) ذلك الراعي (و) الحال أنه قد (تركها) أي ترك تلك المواشي فوضى بلا راع وذكر جواب لو بقوله هل (رأيت أن قد ضيع) من التضييع أي هل علمت أنَّه قد ضيع تلك المواشي أي جعلها ضائعة يأكلها السباع ويأخذها من شاء يعني أنك هل تؤاخذ الراعي بأنه ضيع المواشي بتركها بلا راع (فـ) ـكذلك (رعاية النَّاس) وإصلاح أمورهم (أشد) أي أهم من رعاية المواشي فكيف تترك النَّاس فوضى بلا خليفة.
والمعنى إذا كان راعي المواشي يعد مقصرًا بتركه لها دون أن يستخلف عليها من يقوم على حفظها فالإمام الذي يترك النَّاس غير مستخلف عليهم أحدًا أجدر أن يكون مهملًا مقصرًا لأنَّ الأمر في حفظ النَّاس ورعايتهم أشد وآكد وقوله (ضيع) هي هنا بمعنى فرط وأهمل قوله (فرعاية النَّاس) أي سياستهم وتدبير شؤونهم (قال) ابن عمر (فوافقه) أي فوافق عمر (قولي) وقبله مني ورضيه (فوضع رأسه) على مخدة (ساعة) أي زمنًا قليلًا ليفكر في قولي هذا ويرد لي الجواب (ثم) بعد ساعة (رفعه) أي رفع رأسه (إلى فقال) لي: (إن الله عزَّ وجل يحفظ دينه) لا يضيعه قال الأبي يعني أن الفرق بين ما ذكرت من قضية الراعي وبين قضيتنا أن رب الغنم لا يقدر على حفظها إذا تركها الراعي لغيبته عنها والله سبحانه يحفظ دينه وإني تركت الاستخلاف لما وعد به من ذلك في قوله تعالى: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} وإذا ظهر الفرق بين القضيتين فلي في عدم الاستخلاف أكبر أسوة وأعظم احتجاج وهو فعله صَلَّى الله عليه وسلم ثم قال عمر: (وإني لئن لا