أي خيمته ويبنيها (ومنا من ينتضل) أي يرمي بالسهام تدربًا ومداومةً والمناضلة المراماة بالسهام يقال انتضلوا وتناضلوا إذا تراموا بالسهام تدربًا (ومنا من هو في جشره) بفتح الجيم والشين وهي الدواب التي ترعى في مكانه ولا ترجع إلى أهلها بالليل بل تبيت مكانها وقال أبو عبيد: الجشر القوم يخرجون بدوابهم إلى المرعى ويبيتون مكانهم لا يأوون البيوت يقال جشر الدواب يجشرها من باب نصر جشرًا بسكون الشين إذا خرج الرجل بدوابه يرعاها أمام بيته كما في تاج العروس أي ومنا من كان مع دوابه ليرعاها حول المنزل (إذ نادى) وإذ هنا بمعنى إذا الفجائية مع تقدير الفاء العاطفية على نزلنا أي فنزلنا منزلًا فافترق القوم في حوائجهم ففاجأنا نداء (منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم) ينادي بقوله (الصلاة جامعة) بنصب الجزأين الأول على الإغراء والثاني على الحال أي أدركوا الصلاة حالة كونها جامعة للناس قال القرطبي وكأنه كان وقت صلاة فلما جاؤوا وصلوا معه وسكت الراوي عن ذلك وإلا فمن المحال أن ينادي منادي الصادق بالصلاة ولا صلاة قال الأبي الأظهر أن المراد بالصلاة الصلاة لغة أي الدعوة جامعة وهو كلام جرى العرف فيه في نداء القوم لأمر مهم وكان الشيخ ابن عرفة يحمله على أنها صلاة الفرض فأخذ منه جواز ما يفعله المؤذنون اليوم من التحضير عند فراغهم من الأذان وأنه ليس ببدعة خلاف ما ذهب إليه بعض متأخري التونسيين من أنه بدعة وكان الشيخ يستحسن هذا الأخذ وفيه نظر لأنه وإن سلم أنها صلاة الفرض فإنه لم يتكرر ذلك وإنما يستعمل في الدعاء لأمر مهم اهـ من الأبي ويمكن أيضًا أن يكون هذا قبل مشروعية الأذان وقد ثبت أن المسلمين قبل نزول الأذان كانوا ينادون الصلاة جامعة (فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقًّا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم) أي حقًّا واجبًا عليه لأن ذلك من طريق النصيحة والاجتهاد في التبليغ والبيان (وينذرهم) أي يخوفهم (شر ما يعلمه وإن أمتكم هذه) يعني المحمدية (جعل عافيتها) أي سلامتها من الفتن واستقامتها واجتماع كلمتها