(في أولها) يعني بأول الأمة أزمانه وزمان الخلفاء الثلاثة إلى قتل عثمان فهذه الأزمنة كانت أزمنة اتفاق هذه الأمة واستقامة أمرها وعافية دينها فلما قتل عثمان هاجت الفتن كموج البحر وتتابعت كقطع الليل المظلم ثم لم تزل ولا تزال متوالية إلى يوم القيامة (وسيصيب آخرها بلاء) أي فتن واختلاف (وأمور تنكرونها) من البدع والخرافات وعلى هذا المعنى الذي ذكرنا آنفًا فأول آخر هذه الأمة المعنى في هذا الحديث مقتل عثمان وهو آخر بالنسبة إلى ما قبله من زمان الاستقامة والعافية وقد دل على هذا قوله وأمور تنكرونها والخطاب لأصحابه فدل على أن منهم من يدرك أول ما سماه آخرًا وكذلك كان اهـ من المفهم (وتجيء فتنة) أي فتن كثيرة فيهم (فيرقق) بضم الياء أولاهما مشددة مكسورة من الترقيق (بعضها بعضًا) أي يصير بعضها بعضًا رقيقًا أي خفيفًا لعظم ما بعده أي فالثاني يجعل الأول خفيفًا قال القاضي هذه رواية الجمهور وفي رواية (يرفق) بفاء ثم قاف على وزن ينصر أي يمد بعضها بعضًا من قولهم رفقه إذا نفعه وأعانه وفي رواية الطبري عن الفارسي (فيدفق) بدال ثم فاء ثم قاف على وزن يضرب أي يدفع ويصب من الدفق وهو الدفع ومنه الماء الدافق يعني أنها كموج البحر الذي يدفع بعضه بعضًا (وتجيه الفتنة) من تلك الفتن (فيقول المومن هذه) الفتنة (مهلكتي) أي معدمتي (ثم تنكشف) وتنفرج عنه تلك الفتنة التي خاف منها الهلاك (وتجيء الفتنة) الأخرى (فيقول المؤمن هذه) الثانية هي (هذه) أي مهلكتي قاله القرطبي شبه المؤمن في هذه الفتن بالعائم الغريق بين الأمواج فإذا أقبلت عليه موجة قال هذه مهلكتي ثم تروح عنه تلك فتأتيه أخرى فيقول (هذه هذه) إلى أن يغرق بالكلية وهذا تشبيه واقع حسًّا وقيل معنى (هذه هذه) أي هذه مهلكتي هذه مهلكتي كرره للتأكيد ووقع ذلك صريحًا في رواية النسائي ولفظه (فيقول المؤمن: هذه مهلكتي ثم تنكشف ثم تجيء فيقول: هذه مهلكتي ثم تنكشف).
(فمن أحب أن يزحزح) بالبناء للمجهول أي ينحى ويبعد (عن النار) الأخروية ويؤخر منها (ويدخل الجنة) بالبناء للمجهول أيضًا من الإدخال (فلتأته منيته) وفي رواية