للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَال: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، لَيسَ بَينِي وَبَينَهُ إلا مُؤْخِرَةُ الرَّحْلِ،

ــ

(عن معاذ بن جبل) بن عمرو بن أوس بن عائذ الأنصاري الخزرجي، أبي عبد الرحمن المدني له (١٥٧) مائة وسبعة وخمسون حديثًا، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في الإيمان والصلاة في بابين.

وهذا السند من خماسياته ورجاله كلهم بصريون إلَّا معاذ بن جبل فإنَّه مدني ومن لطائفه أن فيه رواية صحابي عن صحابي (قال) معاذ (كنت ردف النَّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم) أي راكبًا خلفه وراء المؤخرة كما هو شأن الرديف، قال النواوي: أما قوله (ردف) فهو بكسر الراء وإسكان الدال وهي الرّواية المشهورة التي ضبطها معظم الرواة، وحكى القاضي عياض أن أبا علي الطبري الفقيه الشَّافعي أحد رواة الكتاب ضبطه بفتح الراء وكسر الدال من غير ياء نظير عجل وحذر وزمن، اسم فاعل من فعل المكسور وليس بمعروف في الأسماء، وإن صحت رواية الطبري، والردف بكسر الراء وسكون الدال والرديف بالياء كلاهما صحيح رواية ولغة، وهما اسمان للراكب خلف الراكب، يقال منه ردفته أردفه بكسر الدال في الماضي، وفتحها في المضارع، إذا ركب خلفه وأردفته أنا بألف وأصله من ركوبه على الردف وهو العجز بمعنى أركبته على الردف أي على الموضع الذي يسمى الردف وهو عجز الدابة أي كنت راكبًا معه صَلَّى الله عليه وسلم على دابته، والحال أنه (ليس بيني وبينه) صَلَّى الله عليه وسلم (إلَّا مؤخرة الرجل) أي إلَّا خشبة تسمى مؤخرة الرجل وهو الخشب الذي يستند إليه الراكب بظهره، وهذا كناية عن شدة قربه، لأنَّ القرب أوقع في نفس السامع لأنَّه أدل على الضبط، وأمَّا مؤخرة فبضم الميم بعدها همزة ساكنة ثم خاء مكسورة وهذا هو الصَّحيح، وفيه لغة أخرى (مُؤَخرة) بفتح الهمزة وفتح الخاء المشددة وأنكر ابن قتيبة فتح الخاء، وقال ثابت: مؤخرة الرجل ومقدمته بفتحهما، ويقال: آخرة الرجل بهمزة ممدودة وهذه أفصح وأشهر، فهذه ثلاث لغات مع التاء ومثلها مع حذف تاء التأنيث، فمجموع اللغات فيه ست، ومثلها يجري في مقدم الرجل، قال القرطبي: هكذا وقع ها هنا مؤخرة وقرأناه على من يوثق بعلمه بضم الميم وفتح الراء والخاء مشددة على أنها اسم مفعول لأنها تؤخر وأنكر هذا اللفظ يعقوب وابن قتيبة وقالا: المعروف عند العرب آخرة الرحل، كما جاء في حديث أبي ذر، ولكن قد جاء مؤخرة في شعر أبي ذؤيب، والرحل للبعير كالسرج للفرس والإكاف للحمار اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>