للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فيظهرُ بذلك أَن الشَّاذَّ المردودَ قسمان:

أحدهما: الحديث الفرد المخالف.

والثاني: الفَرْدُ الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما يَقَعُ جابرًا لِمَا يُوجبُهُ التفرُّدُ والشُذُوذُ من النكارة والضَّعْف.

وأمَّا المُنكَر: فهو الشاذُّ المردود.

وأمَّا المُعَلَّل -ويُسمِّيه أهلُ الحديث المعلولَ؛ وذلك منهم ومن الفقهاء في قولهم في باب القياس: العِلَّة والمعلول، مَرْذُولٌ عند أهلِ العربيةِ واللغة-: فهو الحديثُ الذي اطُّلِعَ فيه على عِلَّةِ تَقْدَحُ في صحتهِ مع أَنَّ ظاهرَه السلامةُ منها، ويتطرقُ ذلك إِلى الإِسنادِ الذي رجالهُ ثِقاتٌ، الجامعِ شروطَ الصحة من حيث الظاهرُ، ويُسْتَعانُ على إِدراكها بتفرُّدِ الراوي وبمخالفةِ غيره له مع قرائنَ تنضمُّ إِلى ذلك تُنَبِّهُ العارفَ بهذا الشأن على إِرسالِ في الموصول، أو وَقْفٍ في المرفوع، أو دخولِ حديثٍ في حديثٍ، أو وَهَمِ واهمٍ بغير ذلك.

وكثيرًا ما يُعلّلون الموصولَ بالمرسل، مثل: أنْ يجيءَ الحديثُ بإسنادٍ موصولٍ، ويجيءَ أيضًا بإسنادٍ منقطعِ أقوى من إِسناد الموصول، ولهذا اشْتَمَلَتْ كُتُبُ عِلَلٍ الحديث على جَمْعِ طُرُقِه.

قال الخطيبُ أبو بكر: السبيلُ إِلى معرفة علّة الحديث: أنْ يُجْمَعَ بين طُرُقهِ، ويُنْظَرَ في اختلافِ رُوَاتِهِ، ويُعتبر بمكانِهم في الحفظ ومنزلتِهم في الإِتقان والضبط.

ورُوي عن عليّ بن المَدِيني قال: (البابُ إِذا لم يُجْمَعْ طُرُقُهُ لم يَتَبيَّنْ خطؤُه) (١).

ثم قد تَقَعُ العِلَّةُ في إِسناد الحديث وهو الأكثر، وقد تَقَعُ فِي مَتْنِهِ، ثم ما يَقَعُ في الإِسناد قد يَقْدَحُ في صِحَّة الإسنادِ والمتنِ جميعًا كما في التعليل بالإِرسال والوقف، وقد يَقْدَحُ في صحَّةِ الإسناد خاصَّةً من غير قَدْحٍ في صحة المتن.

ومن أمثلة ما وقعت العلّةُ في إِسناده من غير قَدْحٍ في المتن: ما رواه الثقةُ يَعلي بن


(١) انظر "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (٢/ ٢٧٠) (مبحث كتب الطرق المختلفة).

<<  <  ج: ص:  >  >>