عبيدِ عن سفيان الثَّوْري عن عَمْرو بن دِينارٍ عن ابن عُمَرَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"البيِّعانِ بالخِيارِ. . ." الحديث، فهذا إِسنادٌ مُتَّصلٌ بنقْلِ العَدْل عن العَدْل، وهو معلَّل غير صحيح، والمتنُ على كُلِّ حالٍ صحيحٌ، والعِلَّةُ في قوله:(عن عَمْرو بن دينار)، إِنما هو (عن عبد الله بن دينار)، كذا رواه الأئمَّةُ من أصحاب سفيان عنه، فوَهِمَ يَعلي بن عبيدِ في العُدُول إِلى عَمْرو بنِ دينارِ وإِنْ كان أيضًا ثقةً.
ومثالُ العلَّة في المتن: ما انْفَرَدَ بهِ مسلمٌ بإخراجه في حديث أنسٍ من اللفظ المُصَرِّح بنَفْي قراءة {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، فعَلَّل قوم روايةَ اللفظ المذكور لمَّا رأَوا الأكثرين إِنما قالوا فيه: فكانوا يستفتحون القراءةَ بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ} من غير تَعَرُّضٍ لِذِكْرِ البسملة، وهو الذي اتَّفَقَ البخاريُّ ومسلم على إِخراجه في "الصحيح"، ورأَوْا أَن مَنْ رواه باللفظ المذكور رواه بالمعنى الذي وَقَعَ له، ففَهِمَ مِنْ قوله: كانوا يستفتحون بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ} أنهم كانوا لا يُبَسْمِلُون، فرواه كما فَهِمَ وأَخطأَ؛ لأن معناهُ: أَن السورة التي كانوا يستفتحون بها من السُّوَر هي الفاتحة، وليس فيه تَعَرُّضٌ لذِكْرِ التسمية.
وانْضَمَّ لذلك أمورٌ، منها: أنه ثَبَتَ عن أنسٍ أنه سُئِلَ عن الافتتاح بالتسمية فذَكَرَ أنه لا يَحْفَظُ فيه شيئًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأمَّا المُضْطَرِبُ من الحديث: فهو الذي تختلف الروايةُ فيه، فيرويه بعضُهم على وَجْهٍ، وبعضُهم على وَجْهٍ آخَرَ مخالفٍ له، وإِنما يُسَمَّى مضطربًا إِذا تساوت الروايتان، أمَّا إِذا تَرَجَّحَتْ إِحداهما بحيث لا تُقاومها الأُخرى. . فالحكمُ للراجحة، ولا يُطْلَقُ عليه حينئذٍ وصفُ المضطرب ولا له حُكْمُه.
ثم قد يقعُ الاضطرابُ في متن الحديث، وقد يقعُ في الإسناد، وقد يقعُ ذلك من راوٍ واحدٍ، وقد يقعُ من رواةٍ، والاضطرابُ مُوجِبٌ لضعف الحديث؛ لإِشعاره بأنه لم يُضْبَطْ.
وأما المُرْسَلُ: فقيل: هو قول التابعي مطلقًا: (قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم)، وقيلَ بقَيدِ أن يكون التابعيُّ كبيرًا، وهو الذي لَقِيَ جُمْلَةً من الصحابة وجَالسَهُم.