للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"أَروَاحُهم فِي جَوْفِ طَيرٍ خُضرٍ. لَها قَنَادِيلُ مُعَلَّقَة بِالْعرشِ. تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيثُ شَاءَتْ. ثُمَّ تَأوي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ. فَاطَّلَعَ إِلَيهِم رَبهُمُ اطِّلاعَةً. فَقَال: هلْ تَشْتَهُونَ شَيئًا؟ قَالُوا: أَي شَيءٍ نَشْتَهِي؟ وَنَخنُ نَسْرَحُ مِنَ الجنة حَيثُ شِئنَا. فَفَعَلَ ذلِكَ بِهِم ثَلاثَ مَرات. فَلَما رَأَوْا أَنهُم لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يسأَلُوا، قَالُوا: يَا رَب، نُرِيدُ أَنْ تَردَّ أَروَاحَنَا فِي أَجسَادِنَا حَتَّى نقتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرة أُخْرَى. فَلَما رَأَى أَن لَيسَ لَهُم حَاجَةٌ تُرِكُوا"

ــ

(أرواحهم) أي أرواح الذين قتلوا في سبيل الله محفوظة (في جوف طير خضر) مكرمة ومنعمة فيه والمراد بجوفه الحوصلة والحوصلة للطير كالكرش لسائر الحيوان أي مكرمة منعمة في حوصلتها كما في الحديث الآخر "في حواصل طير خضر" والطير جمع طائر والخضر جمع أخضر كحمر جمع أحمر أي مستقرة في حواصلها صيانة لتلك الأرواح ومبالغة في إكرامها لإطلاعها على ما في الجنة من المحاسن والنعم كما يطلع الراكب المظلل عليه بالهودج الشفاف الذي لا يحجب عما وراءه (لها) أي لتلك الأرواح (قناديل معلقة بالعرش) الله أعلم بحقيقتها غير أن ما جاء به الحديث هو أن هذه القناديل لأرواح الشهداء بمنزلة الأوكار للطائر فإنها تاوي إليها تغدو من تلك القناديل و (تسرح) أي ترتع وتأكل (من) نعيم (الجنة ثم) تروح و (تأوي) أي ترجع (إلى تلك القناديل) لأنها مستقرها ومنزلها إلى يوم القيامة (فأطلع إليهم) أي إلى الذين قتلوا في سبيل الله أي نظر إليهم (ربهم اطلاعة) أي نظرة أي اطلاعًا يليق بجلاله سبحانه وتعالى نثبته ونعتقده لا نكيفه ولا نمثله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وعبارة القرطبي أي تجلى لهم برفع حجبهم وكلمهم مشافهة بغير واسطة مبالغة في الإكرام وتتميمًا للإنعام اهـ (فقال) لهم ربهم (هل تشتهون) وتحبون (شيئًا) من النعيم غير ما كنتم عليه (قالوا أي شيء نشتهي) ونحب (ونحن) أي والحال أنا (نسرح) ونأكل (من) نعيم (الجنة حيث شئنا) أي من أي مكان شئنا (ففعل ذلك) السؤال (بهم) ربهم (ثلاث مرات فلما رأوا) وأيقنوا (أنهم لن يتركوا من أن يسألوا) ويجيبوا (قالوا يا رب يزيد أن ترد أرواحنا في أجسادنا) ونكون في الدنيا (حتى) نجاهد و (نقتل في سبيلك مرة أخرى فلما رأى) وعلم ربهم (أن) أي أنه (ليس لهم حاجة) إلى سؤال نعيم آخر (تركوا) على ما هم عليه.

قوله (فلما رأى أن ليس لهم حاجة) أي في دار الجزاء وأما ما ذكروه من الرجوع

<<  <  ج: ص:  >  >>