لموضع الاجتماع نحو زيد معك ولزمان الاجتماع نحو جئتك مع العصر وقد تكون أطلق الاجتماع من غير اعتبار مكان ولا زمان نحو قوله تعالى:{وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} وقد تجرد عن الإضافة فيلزم نصبها على الحال نحو جاء الزيدان معًا أي جميعًا وقد حكى جرها بمن نحو ذهبت من معه أي من عنده وفيها لغتان فتح العين وسكونها ولغة السكون قليلة كما قال في الخلاصة:
ومع مع فيها قليل ونقل ... فتح وكسر لسكون يتصل
يعني نقل في لغة السكون إذا التقت العين الساكنة مع ساكن بعدها وجب تحريكها لالتقاء الساكنين فمن حركها بالفتح فللتخفيف ومن حركها بالكسر فعلى أصل التقاء الساكنين وقد بسطنا الكلام فيها في شرحنا نزهة الألباب على ملحة الإعراب فراجعه وإنما أطلنا الكلام فيها هنا مع أن المقام ليس من مقام البحث عنها دفعًا لأوهام أطال بها الكلام هنا بعض الشراح سهوًا أو غفلة لئلا يغتر بها الطلاب والله أعلم، وقوله (في نفر) حال من أبي بكر وعمر أي حالة كونهما مع نفر وجماعة آخرين وفي القاموس النفر محركًا النَّاس كلهم ومادون العشرة من الرجال كالنفير يجمع على أنفار اهـ. (فقام رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم) وخرج (من بين أظهرنا) أي من مكان بين أظهرنا ووسطنا هكذا هو هنا وفيما سيأتي (كنت بين أظهرنا) بلا نون أي بيننا ورواه الفارسي بين ظهرينا، وقال الأصمعي: والعرب تقول بين أظهركم وظهرَيكم وظهرانَيكُم بصيغة الاثنين قال الخليل أي بينكم (فأبطأ) أي آخر الرجوع (علينا وخشينا) أي خفنا (أن يقتطع) ويؤخذ (دوننا) أي قبل الوصول إلينا والرجوع علينا أي خفنا أن يصاب بمكروه من عدو إما بأسر أو بقتل لأنَّ أعداءه اليهود والمنافقين كثير في المدينة وقتئذ وعبارة القرطبي هنا (أن يقتطع دوننا) أي يحال بيننا وبينه بأخذ أو هلاك اهـ. قال الأبي (قوله فخشينا) قلت خشْيَتُهم إن كانت قبل نزول {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} فواضح وإلا فذاك لفرط كلفهم به كما يقال المحب مولع بسوء الظن اهـ. (وفزعنا) أي بادرنا إلى طلبه وفي بعض النسخ (ففزعنا) بفاء التعقيب (وقمنا) من مكاننا لطلبه وفي بعض النسخ (فقمنا) بفاء التعقيب أيضًا وعبارة القرطبي هنا قوله (ففزعنا وقمنا) أي تركنا ما كُنَّا فيه وأقبلنا على