عَنهُ. وإن أَرَانِيَ الله مَشهدًا، فِيمَا بعدُ، مَعَ رَسُولِ الله صَلى الله عَلَيهِ وَسلمَ، لَيَرَانِيَ الله مَا أَصنَعُ. قَال: فَهابَ أَن يَقُولَ غَيرها. قَال: فَشَهِدَ مَعَ رِسُولِ الله صَلى الله عَلَيهِ وَسلمَ يَوْمَ أُحُدٍ. قَال: فَاستَقْبَلَ سعدُ بْنُ مُعَاذٍ. فَقَال لَهُ أنسٌ: يَا أَبَا عَمرٍو، أَينَ؟ فَقَال: وَاهًا لِرِيحِ الْجَنةِ. أَجِدُهُ دُونَ أُحُدٍ
ــ
للمجهول من التغييب خبر المبتدأ أي صرت غائبًا (عنه) أي عن ذلك المشهد بقدر الله تعالى وحكمه (و) الله (إن أراني الله) عزَّ وجلَّ بفضله وتوفيقه أي إن أحضرني الله (مشهدًا) أي معركة (فيما بعد) أي فيما يستقبل من الزمان (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراني الله) سبحانه في ذلك المشهد (ما أصنع) مع الكفار قال النووي هكذا هو في أكثر النسخ ليراني بالألف وهو صحيح ويكون ما أصنع بدلًا من الضمير في يراني يعني ياء المتكلم أي ليرى الله ما أصنع مع الكفار (قال) أنس بن مالك (فهاب) عمي أي خاف (أن يقول غيرها) أي غير هذه الكلمة أي خشي أن يلتزم شيئًا آخر فيعجز عنه ولهذا أبهم وعرف من السياق أن مراده أن يبالغ في القتال معهم وأن لا يفر منهم. قال القرطبي قوله (ليراني الله ما أصنع) وفي رواية (فليرين الله ما أصنع) وهذا الكلام تضمن أنه ألزم نفسه إلزامًا مؤكدًا وهو الإبلاء في الجهاد والانتهاض فيه والإبلاغ في بذل ما يقدر عليه منه ولم يصرح بذلك مخافة ما يتوقع من التقصير في ذلك وتبرؤًا من حوله وقوته ولذلك قال (فهاب أن يقول غيرها) ومع ذلك فنوى بقلبه وصمم على ذلك فصح قصده ولذلك سماه الله عهدًا في الآية حيث قال: {منَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}[الأحزاب: ٢٣](قال) أنس بن مالك (فشهد) عمي (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم) غزوة (أحد قال) أنس بن مالك (فاستقبلـ) ـه (سعد بن معاذ) بن النعمان الأنصاري الأشهلي أبو عمرو وسيد الأوس شهد بدرًا واستشهد من سهم أصابه بالخندق ومناقبه كثيرة رضي الله عنه روى عنه البخاري أي فاستقبل أنسًا وهو متقدم للقتال سعد بن معاذ وهو فار من المشركين (فقال له) أي لسعد (أنس) بن النضر (يا أبا عمرو) كنية سعد (أين) تفسير من المشركين وقال له سعد وأنت إلى أين تتقدم (فقال) له أنس إلى المشركين (واهًا) أي عجبًا (لريح الجنة أجده) أي أجد ذلك الريح فالريح يذكر ويؤنث مكانًا (دون أحد) أي في مكان أقرب إلي من أحد (وواهًا) اسم فعل مضارع بمعنى أعجب عجبًا لريح الجنة وقد تأتي للترحم والتلهف والتأسف والاستهانة وقوله (أجده) الضمير عائد