وهذا السند من سداسياته، ورجاله أربعة منهم بصريون وواحد نيسابوري وواحد مدني، ومن لطائفه أن فيه رواية ولد عن والد، ورواية صحابي عن صحابي وكلهم ثقات إلا معاذ بن هشام فإنه صدوق، أي حدثنا أنس بن مالك (أن نبي الله صلى الله عليه وسلم) بنصب نبي الله على أنه اسم أن، والواو في قوله (ومعاذ بن جبل رديفه على الرحل) واو الحال، والجملة الاسمية في محل النصب حال من اسم أن، وجملة قوله (قال يا معاذ) خبر أن وجملة أن في تأويل مصدر منصوب على أنه مفعول ثانٍ لقوله حدثنا أنس، وقد سبق لك أن الرديف هو الراكب خلف الراكب، والرحل للبعير كالسرج للفرس.
والمعنى حدثنا أنس بن مالك عن معاذ بن جبل قول النبي صلى الله عليه وسلم له يا معاذ حالة كون معاذ راكبًا خلفه صلى الله عليه وسلم على الرحل (قال) معاذ مجيبًا لندائه صلى الله عليه وسلم (لبيك) أي أجبت لك إجابة بعد إجابة يا (رسول الله وسعديك) أي وأسعدك إسعادًا في طاعتك، وقد تقدم البحث عن هاتين الكلمتين في حديث معاذ السابق.
قال القاضي عياض: وفي الحديث جواز قول الرجل للرجل في الجواب عند دعائه له لبيك وسعديك، ومعنى لبيك إجابة لك بعد إجابة، وقيل: لزومًا لطاعته وطوعًا بعد لزوم ومعنى سعديك إسعادًا لك بعد إسعاد، وقيل: معنى لبيك مداومة على طاعتك، ومعنى سعديك مساعدة أوليائك على طاعتك، وقال سيبويه: معناه قربًا منك ومتابعة لك من ألبَّ فلان على كذا إذا داوم عليه ولم يفارقه، وأسعد فلان فلانًا على أمره وساعده، وقال: إذا استعمل في حق الله تعالى فمعناه لا أناى عنه في شيء تأمرني به وأنا متابعٌ أمرك وإرادتك انتهى منه.
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم ثانيًا (يا معاذ قال) معاذ ثانيًا (لبيك رسول الله وسعديك قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم ثالثًا (يا معاذ قال) معاذ ثالثًا (لبيك رسول الله وسعديك قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرة الرابعة (ما من