للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَبْدٍ يَشْهَدُ: أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .. إِلا حَرَّمَهُ اللهُ (١) عَلَى النارِ قَال: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أفَلا أُخْبِرُ بِهَا الناسَ فَيَسْتَبشِرُوا (٢)؟ ، قَال: "إِذا يَتَّكِلُوا

ــ

عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله) قال القرطبي هكذا وقع هذا الحديث في رواية مسلم عن جميع رواته فيما علمته، وقد زاد البخاري فيه "صدقًا من قلبه" وهي زيادة حسنة تنص على صحة ما تضمنته الترجمة المتقدمة، وبها حصلت مطابقة الحديث للترجمة وتنص أيضًا على فساد مذهب المرجئة كما قد قدمناه، ومعنى صدق القلب تصديقه الجازم بحيث لا يخطر له نقيض ما صدق به، وذلك إما عن برهان فيكون علمًا أو عن غيره فيكون اعتقادًا جزمًا انتهى.

أي ما عبدٌ مقر للشهادتين موقن بمعناهما (إلا حرمه الله) أي حرم الله سبحانه وتعالى ذلك العبد، أي إحراق ذلك العبد (على النار) الأخروية، قال الأبي وهذا أخص من حديث دخل الجنة، فهو أحوج إلى التأويل، فأولها الحسن بحملها على من مات ولم يعص الله، وحملها البخاري على من مات وهو تائب كما مر ولا يعارضه قوله تعالى {وَإِنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُهَا} لما تقدم أن الصحيح فيه أنه الجواز على الصراط اهـ.

وقال القرطبي: ويجوز أن يحرم الله من مات على الشهادتين على النار مطلقًا ومن دخل النار من أهل الشهادتين بكبائره حرم على النار جميعه أو بعضه كما قال في الحديث الآخر "فيحرم صورهم على النار"رواه البخاري (٧٤٣٩) وقال: "حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود" رواه البخاري (٦٥٧٣) ومسلم (١٨٢) ويجوز أن يكون معناه إن الله يحرمه على نار الكفار التي تنضج جلودهم ثم تبدل بعد ذلك كما قال تعالى {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرَهَا} (قال) معاذ (يا رسول الله أ) أكتم هذه البشارة (فلا أخبر بها الناس) والفاء في قوله (فيستبشروا) عاطفة سببية، والفعل بعدها منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد الفاء السببية (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تخبرهم إياها (إذًا) أي إن أخبرتهم (يتكلوا) ويعتمدوا على مجرد الشهادتين ويكتفوا بها عن إكثار


(١) في نسخة: (إلا حرم الله).
(٢) في نسخة: (أفلا أخبر بها فيستبشروا).

<<  <  ج: ص:  >  >>