قلت (يا رسول الله أن عندي عناق لبن) أي أنثى صغيرة من المعز قريبة العهد إلى ارتضاع اللبن من أمها (هي) أي تلك العناق هي (خير) لطيب لحمها (من شاتي لحم) أي من شاتين كبيرتين ذواتي لحم كثير فهل تجزئ لي في الأضحية (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (هي) أي تلك العناق (خير) لك من (نسيكتيك) التي ذبحتها أولًا لإجزائها عنك (و) لكن (لا تجزئ) أي لا تكفي (جذعة) ولا عناق (عن أحد بعدك) فإن إجزائها في الأضحية خصوصية لك اهـ. قوله "إن هذا يوم اللحم فيه مكروه" اضطرب أقوال الشراح في تفسير هذه الجملة وأحسن ما قيل فيها ما ذكرناه أولًا في حلنا وحاصله أن يوم النحر يكثر فيه اللحم بعد صلاة العيد فيمله الناس ويكرهونه فعجلت نسيكتي لأطعم أهلي وجيراني قبل أن يكثر عندهم اللحم وقبل أن يملوا من أكله وهذا أولى ما قيل فيها ولكن يشكل عليه ما سيأتي عند المؤلف في حديث أنس من هذه القصة (إن هذا يوم يشتهى فيه اللحم، وظاهره معارض للفظ حديث الباب بالتفسير الذي ذكرناه ويؤيده أي يؤيد حديث أنس الآتي ما وقع في بعض نسخ مسلم هنا هذا يوم اللحم فيه مقروم" بالقات والراء والقرم اشتهاء اللحم وهو بمعنى المشتهى ويمكن الجمع بين الروايتين بأن أبا بردة ذكر كلا الأمرين بالنسبة إلى حالين مختلفتين كأنه قال هذا يوم يشتهى فيه اللحم في أول النهار ويكره في آخره فعجلت ضحيتي ليكون لحمي مشتهى لا مكروهًا فذكر بعض الرواة جزءًا وبعضهم جزءًا اخر والله أعلم قوله "عناق لبن" قال القاضي هي الأنثى من ولد المعز بنت خمسة أشهر ونحوها قال الأبي يشير بذلك إلى صغرها وأنها ترضع بعد وقال في تاج العروس (٧/ ٢٧) العناق الأنثى من ولد العنز زاد الأزهري إذا أتت عليها سنة وقال ابن الأثير العناق الأنثى من ولد المعز ما لم يتم لها سنة اهـ.
قوله "هي خير من شاتي لحم" يعني لسمنها وطيب لحمها تفضل على شاتين يراد بهما لحم "قوله هي خير نسيكتيك" سمي ما ذبح قبل الصلاة نسيكة بحسب توهم الذابح وزعمه وذلك أنه إنما ذبحها في ذلك الوقت بنية النسك وبعد ذلك بين له النبي صلى الله عليه وسلم أنها ليست نسكًا شرعيًّا لما قال "من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم عجله لأهله ليس من النسك في شيء" اهـ من المفهم قوله "ولا تجزي جذعة" الرواية هنا بفتح التاء على وزن ترمي ومعناه لا تكفي نظير قوله تعالى {وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ