الليالي (ثم) بعد مضي ثلاث ليال (تصدقوا) على الفقراء وعلى الدافة (بما بقي) في بيوتكم ولا تدخروها عن الفقراء (فلما كان) أي حصل وجاء العام المقبل (بعد ذلك) العام الذي نهاهم فيه عن ادخار لحمها فوق ثلاث ليال وأمرهم بالتصدق سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكم جلودها وشحومها و (قالوا يا رسول الله إن الناس) أي إن بعض الناس (يتخذون) ويصلحون (الأسقية) أي أوعية الماء (من) جلود (ضحاياهم) والأسقية جمع سقاء كالأخبية جمع خباء (ويجملون) بفتح الياء وسكون الجيم مع كسر الميم وضمها من بابي ضرب ونصر ويقال بضم الياء وكسر الميم من أجمل الرباعي يقال جملت الدهن أجمله بكسر الميم وأجمله بضمها جملًا وأجملته إجمالًا أذبته أي يذيبون (منها) أي من شحوم ضحاياهم (الودك) بفتحتين الدسم والشحم المذاب وفي القاموس الودك بفتحتين شحم اللحم اهـ وينتفعون به (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذاك) السؤال يعني أي بأس ترون في ذلك فتسألون عنه (قالوا نهيت) في العام الماضي عن (أن تؤكل لحوم الضحايا بعد ثلاث) ليال فهل جلودها وشحومها كاللحم كأنهم رأوا أن اتخاذ الأسقية من جلود الأضاحي وإذابة شحومها ممنوع قياسًا على النهي عن أكل لحومها قال ابن المنير وكأنهم فهموا أن النهي ذلك العام كان على سبب خاص وهو الرأفة على الدافة وإذا ورد العام على سبب خاص حاك في النفس من عمومه وخصوصه إشكال فلما كان مظنة الاختصاص عاودوا السؤال فبين لهم صلى الله عليه وسلم أنه خاص بذلك السبب اهـ من الإرشاد.
(فقال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما نهيتكم) عن ادخار لحومها في ذلك العام (من أجل) ترغيبكم في التصدق على (الدافة) أي على دافة الأعراب وفقرائهم (التي دفت) وجاءت إليكم ماشين مشيًا ضعيفًا يظهر منه أثر فاقتهم وجوعهم (فـ) ـالآن (كلوا) من لحومها ما شئتم (وادخروا) أي اقتنوا منها ما شئتم (وتصدقوا) منها ما شئتم فارتفع حكم نهيي لكم بارتفاع سببه وهو الرأفة على الدافة. قوله "إنما نهيتكم من أجل