الدافة" إلخ وهذا نص صريح منه صلى الله عليه وسلم على أن ذلك المنع كان لعلة ولما ارتفعت ارتفع المتقدم لارتفاع موجبه لا لأنه منسوخ وهذا يبطل قول من قال إن ذلك المنع إنما ارتفع بالنسخ لا يقال فقد قال صلى الله عليه وسلم "كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث فادخروا" وهذا رفع لحكم الخطاب الأول بخطاب متأخر عنه وهذا هو حقيقة النسخ لأنا نقول هذا لعمر الله ظاهر هذا الحديث مع أنه يحتمل أن يكون ارتفاعه بأمر آخر غير النسخ فلو لم يرد لنا نص بأن المنع من الادخار ارتفع لارتفاع علته لما عدلنا عن ذلك الظاهر وقلنا هو نسخ كما قلناه في زيارة القبور وفي الانتباذ في الحنتم المذكورين معه في حديث بريدة المتقدم في باب الجنائز لكن النص الذي في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها في التعليل بين أن ذلك الرفع ليس للنسخ بل لعدم العلة فتعين ترك ذلك الظاهر والأخذ بذلك الاحتمال لعضد النص له والله تعالى أعلم.
"تنبيه" الفرق بين رفع الحكم بالنسخ ورفعه لارتفاع علته أن المرفوع بالنسخ لا يحكم به أبدًا والمرفوع لارتفاع علته يعود الحكم لعود العلة فلو قدم على أهل بلدة ناس محتاجون في زمان الأضحى ولم يكن عند أهل ذلك البلد سعة يسدون بها فاقاتهم إلا الضحايا لتعين عليهم أن لا يدخروها فوق ثلاث كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم اهـ من المفهم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (٦/ ١٢٧ و ١٢٨) والبخاري (٥٤٢٣) وأبو داود (٢/ ٢٨) والترمذي (١٥١١) والنسائي (٧/ ٢٣٥) ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث علي بحديث جابر رضي الله تعالى عنهما فقال.
٤٩٧١ - (١٩٢٧)(٢٥٩)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (قال قرأت على مالك عن أبي الزبير عن جابر) بن عبد الله رضي الله عنه وهذا السند من رباعياته (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث) ليال (ثم) بعد نهيه عن أكلها بعد ثلاث في العام الأول (قال بعد) أي في العام الثاني (كلوا) ما شئتم منها (وتزودوا) ما شئتم منها أي اتخذوه زادًا لسفركم (وادخروا) ما شئتم منها أي اتخذوها قنية لحوائجكم المستقبلة فلا منافاة بين الأكل والادخار والتزود قال ابن بطال في