يدل على جواز الأكل رواه أَحْمد [٥/ ٢٩٣] وأبو داود [٣٣٣٢] والدارقطني [٤/ ٢٨٦] من حديث عاصم بن كليب. ولم يقع في شيء من الصحيح أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ألزم حمزة غرامة الشارفين، لكن روى هذا الحديث عمر بن شبة في كتابه وزاد فيه من رواية أبي بكر بن عياش: فغرمهما النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن حمزة. وهذه الرواية جارية على الأصول إذ لا خلاف في أن ما يتلف السكران من الأموال يلزمه غرمه وعلى تقدير أن لا تثبت هذه الزيادة فعدم النقل لا يدل على عدم المنقول ولو دل على ذلك لأمكن أن يقال إنما لم يحكم عليه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالغرامة لأن عليًّا رضي الله عنه لم يطلبها منه أو لأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تحملها عنه والله تعالى أعلم.
(قلت) وهذا الحديث يدل على أن شرب الخمر كان إذ ذاك مباحًا معمولًا به معروفًا عندهم بحيث لا ينكر ولا يغير وأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أقر عليه وعليه يدل قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}، وقوله تعالى:{تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا}، وهل كان يباح لهم شرب القدر الذي يسكر؟ ظاهر هذا الحديث يدل عليه فإن ما صدر من حمزة رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم من القول الجافي المخالف لما يجب عليه من احترام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وتوقيره وتعزيره يدل على أن حمزة كان قد ذهب عقله بما يسكر ولذلك قال الراوي فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه ثمل ثم إن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم ينكر على حمزة ولا عنفه لا في حال سكره ولا بعد ذلك فكان ذلك دليلًا على إباحة ما يسكر عندهم، وقد احتج بهذا الحديث من لا يلزم طلاق السكران من جهة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يؤاخذ حمزة بما صدر منه من قوله وإليه ذهب المزني والليث وبعض أصحاب أبي حنيفة، وتوقف فيه أَحْمد بن حنبل، والجمهور من السلف والخلف وكافة الفقهاء على أن ذلك يلزمه لأن السكران بعد التحريم أدخل نفسه في السكر بمعصية الله تعالى فكان مختارًا لما يكون منه فيه ولم يكن حمزة كذلك بل كان شربه مباحًا كما مر آنفًا فصار ذلك بمثابة من سكر من شرب اللبن أو غيره من المباحات فإنَّه لا يلزمه شيء مما يجري منه من القول ويكون كالمغمى عليه والله أعلم اهـ من المفهم بتصرف.
(عدا حمزة) أي تعدى (على ناقتي فاجتب أسنمتهما وبقر خواصرهما وها) أي انتبه