الفضيخ المفضوخ أي المكسور والمشدوخ من البسر والتَّمر والله أعلم. وقال إبراهيم الحربي: الفضيخ أن يفضخ البسر ويصب عليه الماء ويتركه حتَّى يغلي، وقال أبو عبيد: هو ما فضخ من البسر من غير أن تمسه نار فإن كان معه تمر فهو خليط، وفي هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم تصريح بتحريم جميع الأنبذة المسكرة وأنها كلها تسمى خمرًا اهـ نووي. والفاء في قوله (فإذا) عاطفة وإذا فجائية (مناد) مبتدأ سوغ الابتداء بالنكرة تقدم إذا الفجائية عليه، وجملة (ينادي) خبره، والجملة الاسمية معطوفة على جملة كنت والتقدير كنت ساقي القوم الفضيخ ففاجأنا نداء مناد ينادي، قال الحافظ: لم أقف على اسم هذا المنادي، وقد وقع في بعض الروايات (أن رجلًا من المسلمين دخل عليهم أخبرهم بتحريم الخمر) ويمكن الجمع بينهما بأنه وقع كل ذلك فنادى مناد وسمعه أحد من المسلمين ودخل عليهم فأخبرهم اهـ.
(فقال) لي أبو طلحة ووقع التصريح بذلك فيما سيأتي من رواية سعيد عن قتادة (اخرج) يَا أنس من البيت (فانظر) من ينادي واستمع نداءه، قال أنس (فخرجت فإذا مناد ينادي) أي ففاجأني نداء مناد ينادي بقوله (ألا) حرف استفتاح وتنبيه أي انتبهوا أيها المسلمون واستمعوا ما أقول لكم (إن الخمر قد حرمت) أي حرم شربها فأريقوا ما بأيديكم منها (قال) أنس فأراقوها (فجرت) أي سالت الخمور التي أراقوها (في سكك المدينة) وزقاقها لكثرتها يعني توافق المسلمون على إراقتها فجرت في الأزقة بكثرتها، وفي رواية لابن مردويه (فانصبت حتَّى استنقعت في بطن الوادي) وفي رواية لعبد الرَّزّاق في مصنفه [٩/ ٢١٢](حتَّى كادت السكك أن تمنع من ريحها) ولم يبال المسلمون بما استلزم ذلك من تلوث الطرق لأنهم قصدوا إشاعة تحريمها فاحتملوا أخف المفسدتين لحصول المصلحة العظيمة الحاصلة من الاشتهار، قال أنس (فقال لي أبو طلحة اخرج) بها يَا أنس (فأهرقها) أي كبها على الأرض أصله "فأرقها" وزيدت فيه الهاء على خلاف القياس وأبدلت الهمزة كذلك بالهاء في قوله (فهرقتها) ولفظ البُخَارِيّ (فأهرقها فأهرقتها) وفي قول أبي طلحة له أهرقها العمل بخبر الواحد لأنهم بادروا بإهراقها حين سمعوا النداء. (قلت) خبر الواحد هنا صحبته القرينة لأن النداء على هذا الوجه لا يكون إلَّا