للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالُوا (أَوْ قَال بَعْضُهُمْ): قُتِلَ فُلانٌ، قُتِلَ فُلانٌ. وَهِيَ في بُطُونِهِمْ. (قَال فَلا أَدْرِي هُوَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ) فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَل: {لَيسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}

ــ

صدقًا، والخلاف الذي في قبوله إنما هو عند التجرد عن القرائن اهـ أبي، قال أنس (فقالوا) أي قال النَّاس وتحدثوا فيما بينهم (أو) قال أنس (قال بعضهم) أي بعض النَّاس، وروى البَزَّار من حديث جابر أن الذين قالوا ذلك كانوا من اليهود كما في فتح الباري [٩/ ٢٧٩] ويحتمل أن الذين بدأوا بهذا القول هم اليهود ثم عرضت هذا الشبهة لبعض المسلمين أَيضًا فسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي (قتل فلان) كحمزة (وقتل فلان) كمصعب بن عمير قتلا يوم أحد قبل تحريم الخمر وقتل فلان وفلان (وهي) أي والحال أن الخمر (في بطونهم) يعني أنَّهم قد شربوا الخمر على أنها لم تحرم عليهم يومئذ وأن القرآن قد أخبر الآن بكونها رجسًا فإن هذا الرجس لم يزل في بطونهم فهل يعاقبون بذلك أم لا؟ وعبارة القرطبي هنا (قوله: قال بعضهم: قُتِل فلان، قُتِل فلان، وهي في بطونهم) هذا القول أصدره من قائله إما غلبة خوف وشفقة وإما غفلة عن المعنى وبيان ذلك أن الخمر كانت مباحة لهم كما قد صح أنَّهم كانوا يشربونها والنبي صلى الله عليه وسلم يقرهم عليها وهو ظاهر قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ومن فعل ما أبيح له حتَّى مات على فعله لم يكن له ولا عليه شيء لا إثم ولا مؤاخذة ولا ذم ولا أجر ولا مدح لأن المباح مستوى الطرفين بالنسبة للشرع كما يعرف من الأصول وعلى هذا فما ينبغي أن يتخوف ولا يسأل عن حال من مات والخمر في بطنه وقت إباحتها فإما أن يكون ذلك القائل غفل عن دليل الإباحة فلم يخطر له أو يكون لغلبة خوفه من الله تعالى وشفقته على إخوانه المُؤْمنين توهم مؤاخذة ومعاقبة لأجل شرب الخمر المتقدم فإن الشفيق بسوء الظن مولع، فرفع الله ذلك التوهم بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {لَيسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} أي فيما شربوا اهـ من المفهم.

(قال) بعض رواة هذا الحديث (فلا أدري) ولا أعلم أ (هو) أي هل هذا الآتي من ذكر نزول الآية (من حديث أنس) أم لا؟ يعني شك الراوي في أن حديث أنس قد انتهى على قوله وهي في بطونهم أو اشتمل على ما بعده من بيان نزول الآية في ذلك (فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ) في جواب سؤالهم {لَيسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} أي فيما شربوا {إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>