للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أبِي هُرَيرَةَ؛ أن النَّبِيّ صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ قَال لِوَفدِ عَبْدِ القَيسِ: "أَنْهَاكمْ عَنِ الدُّباءِ وَالحَنْتَمِ وَالنقِيرِ وَالمُقَيَّرِ -وَالحَنْتَم المَزَادَة المَجْبُوبَةُ- وَلكِنِ اشْرَبْ في سِقَائِكَ وَأَوْكِهِ"

ــ

البَصْرِيّ، ثِقَة ثبت، من (٦) (عن محمَّد) بن سيرين الأَنْصَارِيّ البَصْرِيّ (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة محمَّد بن سيرين لمن روى عن أبي هريرة (أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لوفد عبد القيس) والوفد الجماعة المختارة الوافدون على الملوك (أنهاكم عن) الانتباذ في (الدباء) أي في أواني الدباء وهي القرع اليابس وهي كثيرة في الأرميا تسمى عندهم (بقي) (و) عن الانتباذ في (الحنتم) رهط الجرار المعمولة من الطِّين المشوي (و) عن الانتباذ في (النقير) وهو الخشب المنقور وسطه وهي برميل الأخشاب (و) عن الانتباذ في (المقير) وهو الإناء المطلي بالقار ويسمى بالمزفت كما مر وهو بضم الميم وفتح القاف والياء المشددة المفتوحة على صيغة اسم المفعول ما طلبي بالقار ويقال له التفسير والزفت قيل هو نبت يحرق إذا يبس تطلى به السفن وغيرها كما تطلى بالزفت اهـ قسطلاني، فعلم من كلامه أن القار اسم لرماد النبات والزفت نوع من المعدن.

قال القاضي زكريا الأَنْصَارِيّ: المراد بالجميع الأوعية والنهي عن الانتباذ فيها لأن الشراب فيها يسرع إليه التخمير فيصير مسكرًا من غير شعور به وهذا كما قال الثَّوريّ منسوخ بخبر (كنت نهيتكم عن الانتباذ إلَّا في الأسقية فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرًا) خلافًا للإمامين مالك وأَحمد اهـ ذهني.

(والحنتم المزادة المجبوبة) وهذا تفسير آخر للحنتم والمزادة كما مر ظرف من الجلد يحمل فيه المسافر زاده والمجبوبة هي المقطوعة رأسها فصارت كهيئة الدن وليست لها عزلاء من أسفلها يتنفس الشراب منها فيكون شرابها مسكرًا ولا يدري به والعزلاء بوزن الحمراء الدبر والاست والمراد به هنا الثقب في أسفل الزق يؤخذ منه الماء وهو غير الفم كذا في القاموس (ولكن اشرب) شرابك (في سقائك) أي في قربتك (وأوكه) أي أوك سقاءك أي اربط فمه لئلا يتنفس منه الشراب فيكون مسكرًا، قال العلماء: معناه أن السقاء إذا أوكي وربط فمه أمنت مفسدة الإسكار لأنه متى تغير نبيذه واشتد وصار مسكرًا شق الجلد الموكى فما لم يشقه لا يكون مسكرًا بخلاف الدباء والحنتم والمزادة المجبوبة

<<  <  ج: ص:  >  >>