للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِذَا امْرَأَةٌ مُنَكِّسَةٌ رَأْسَهَا. فَلَمَّا كَلَّمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالتْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ. قَال: "قَدْ أَعَذْتُكِ مِنِّي" فَقَالُوا لَهَا: أَتَدْرِينَ مَنْ هذَا؟ فَقَالتْ: لَا. فَقَالُوا: هذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهِ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. جَاءَكِ لِيَخْطُبَكِ. قَالتْ: أَنَا كُنْتُ أَشْقَى مِنْ ذلِكَ.

قَال سَهْلٌ: فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهِ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ حَتَّى جَلَسَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ

ــ

جمل ظعينة في محفة فأقبلت بها حتى قدمت المدينة .. الخ (فإذا) هي (امرأة منكسة) أي مطأطئة (رأسها) لا تنظر إلى أحد يقال نكس رأسه بتخفيف الكاف من باب نصر فهو ناكس ونكس بالتشديد فهو منكس إذا طأطأه (فلما كلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت أعوذ بالله منك) فـ (قال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (قد أعذتك مني) أي قد أجرتك وتركتك وتركه صلى الله عليه وسلم تزوجها لأنها لم تعجبه إما لصورتها هاما لخلقها وإما لغير ذلك، وفيه دليل على جواز نظر الخاطب إلى من يريد نكاحها، وفي الحديث المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من استعاذكم بالله فأعيذوه" فلما استعاذت بالله تعالى لم يجد النبي صلى الله عليه وسلم بدًا من إعاذتها وتركها ثم إذا ترك شيئًا لله تعالى لا يعود فيه والله أعلم اهـ نووي.

قال القرطبي: وقول هذه المرأة "أعوذ بالله منك" يدل على أنها لم تعرفه ولم تعرف ما يراد منها ولذلك قالت لما أخبرت بمن هو وما أريد بها أنا كنت أشقى من ذلك، وقوله صلى الله عليه وسلم "قد أعذتك مني" جواب لقولها وموافقة لها على قصدها وذلك أنه فهم منها كراهية من قولها ومن حالها إذ كانت معرضة عمن يكلمها ولعلها لم تعجبه خلقًا ولا خلقًا اهـ من المفهم.

(فقالوا لها أتدرين) وتعلمين (من هذا؟ ) الذي كلمك (فقالت لا) أعلمه (فقالوا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءك ليخطبك) أو ليبني بك على ما قاله ابن سعد (قالت أنا كنت أشقى) وأحرم (من ذلك) الذي أراده مني، وأفعل التفضيل ليس على بابه، وإنما مرادها إثبات الشقاء لها لما فاتها من التزوج برسول الله صلى الله عليه وسلم اهـ نووي. (قال سهل) بن سعد بالسند السابق (فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ) أي يوم إذ كلم المرأة وتوجه إلى سقيفة بني ساعدة وجاء (حتى جلس في سقيفة بني ساعدة)

<<  <  ج: ص:  >  >>