ومظلتهم (هو وأصحابه ثم قال اسقنا لسهل) أي قال لسهل اسقنا ما وجد من الشراب، والجار والمجرور متعلق بقال لا بقوله أسقنا ففيه التفات من التكلم إلى الغيبة، وأصل الكلام ثم قال لي اسقنا يا سهل ما عندك كما في رواية ابن إسحاق (قال: فأخرجت لهم) أي لسقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بيتي (هذا القدح) أي هذا الكأس الحاضر عندنا (فأسقيتهم فيه) أي في هذا القدح ما عندي من النبيذ، وهذا موضع الترجمة من الحديث (قال أبو حازم) الراوي عن سهل بالسند السابق (فأخرج لنا) يومًا (سهل) بن سعد (ذلك القدح) الذي شرب منه النبي صلى الله عليه وسلم (فشربنا فيه) أي في ذلك الكأس (قال) أبو حازم (ثم استوهبه) أي طلب هبة ذلك القدح من سهل بن سعد (بعد ذلك) أي بعدما شربنا فيه (عمر بن عبد العزيز) بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي أبو حفص المدني أمير المؤمنين (فوهبه له) سهل رضي الله عنه (وفي رواية أبي بكر بن إسحاق قال) النبي صلى الله عليه وسلم لسهل (اسقنا يا سهل) بدل قول ابن سهل (ثم قال اسقنا لسهل) وهذه أوضح منها والله تعالى أعلم. قال القرطبي: وفي قوله صلى الله عليه وسلم لسهل (اسقنا يا سهل) دليل على التبسط مع الصديق واستدعاء ما عنده من طعام أو شراب وهذا لا خلاف فيه إذا كان الصديق ملاطفًا طيب النفس وعلم من حاله ذلك وهذا هو الذي قاله الله تعالى فيهم: {أَوْ صَدِيقِكُمْ}[النور: ٦١].
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [٥٦٣٧].
قال القرطبي: واستيهاب عمر بن عبد العزيز القدح من سهل إنما كان على جهة التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم ولم يزل ذلك دأب الصحابة والتابعين وأتباعهم والفضلاء في كل عصر فكان أصحابه يتبركون بوضوئه وشرابه وبعرقه ويستشفون بجبته ويتبركون بآثاره ومواطنه ويدعون ويصلون عندها وهذا كله عمل بمقتضى الأمر بالتعزير