للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله (فأفضلها لا إله إلا الله) قال القاضي عياض تقدم أن الإيمان هو التصديق والنطق، وأنه قد يتجوز فيه فيطلق على الأعمال كما هنا، والأعمال أدلة التصديق فليست بخارجة من الإيمان وكان التوحيد أعلاها لأنه شرط في جميعها، وإماطة الأذى أدناها أي أقربها وإن لم تقع به إذاية وبين هذين من بقية العدد ما يقدر المجتهد على حصره بغلبة الظن، وقد فعله بعضهم، لكن الحكم بأن ما عينوه من تلك الخصال هو مراد الشرع يصعب؛ لأنه لو أبدل بعضها بغيره أمكن، نعم يجب الإيمان بالعدد المذكور، وأما بتعيين آحاده فلا، ولا يقدح جهل عينها في الإيمان، لأن الإيمان وفروعه معلومة، قال ابن حبان بكسر الحاء: أردت حصرها فعددت طاعات الإيمان التي أُطلق عليها اسمه في القرآن فنقصت، فعددت طاعاته التي أطلق عليها الإيمان في السنة فنقصت أيضًا فضمصت هذه لهذه فبلغت سبعًا وسبعين، فعلمت أنه مراد الشارع، قال الأبي: التعرض لحصرها بالعدد هو بناءٌ على أن المراد بالبضع والسبعين العدد حقيقة، وقيل: المراد به التكثير من باب: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} الآية، وإن الشعب لا نهاية لها، قال: ويؤيد ذلك أن أحدها الحياء، وهو لا تنحصر آحاده بدليل أنه لما قال: "استحيوا من الله حق الحياء قالوا إنا لنستحيي يا رسول الله قال ليس ذلك بل الاستحياء من الله أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك الدنيا وآثر الآخرة على الأولى فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء" وقد يكون هذا وجه تخصيص الحياء بالذكر مع دخوله في الشعب، أي هذه خصلة واحدة لا تنحصر آحادها، وقيل في وجه تخصيص الحياء: إنه الباعث على سائرها لأن المستحيي يخاف فضيحة الدنيا والآخرة، ثم إن الشعب وإن كثرت فهي ترجع إلى تكميل النفس بالطاعة العلمية والعملية، فالعلمية العلم بوجود الله تعالى، وما يجب له وما يستحيل عليه، وما يجوز في حقه، والعملية الوقوف عند أمره ونهيه اهـ منه.

وإنما كرر المؤلف الحديث في هذه الرواية لما فيها من الزيادة على الرواية الأولى، ولما فيها من ذكر الشك.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهم فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>