أصابع فإذا فرغ) من أكله (لعقها) أي لعق الأصابع الثلاث قبل مسحها أو غسلها إن احتيج إليه، قال القرطبي: وكونه صلى الله عليه وسلم كان يأكل بثلاث أصابع أدب حسن وسنة جميلة لأنها تشعر بعدم الشره في الطعام وبالاقتصار على ما يحتاج إليه من غير زيادة عليه وذلك أن الثلاث الأصابع يستقل به الظريف الخبير وهذا فيما يتأتى فيه ذلك من الأطعمة وأما ما لا يتأتى ذلك فيه استعان عليه بما يحتاج إليه من أصابعه، ولعقه أصابعه الثلاث وأمره بذلك يدل على أنه سنة مستحبة، وقد كرهه بعض العامة واستقذره (وقوله بالكراهة والاستقذار أولى من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم) ومعنى هذا الكلام أن قول من أنكر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكرهها واستقذرها قوله هذا أولى بالكراهة والاستقذار بعدم سماعه وترك التمسك به، وفائدة اللعق احترام للطعام واغتنام للبركة ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم أمر بلعق الأصابع والقصعة وقال:"فإنه لا يدري في أي طعامه البركة" ومعناه والله أعلم أن الله قد يخلق الشبع في الأكل عند لعق الأصابع أو القصعة فلا يترك شيء من ذلك احتقارًا له ومثل هذا يفهم من قوله صلى الله عليه وسلم "إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان".
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث كعب بن مالك رضي الله عنه فقال:
٥١٦٣ - (٠٠)(٠٠)(وحدثناه أبو كريب حدثنا ابن نمير حدثنا هشام عن عبد الرحمن بن سعد أن عبد الرحمن بن كعب بن مالك وعبد الله بن كعب حدثاه) أي حدثا جميعًا لعبد الرحمن بن سعد (أو) حدثه (أحدهما) أي أحد ابني كعب (عن) أبيهما أو (عن أبيه كعب بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله) أي بمثل ما حدث محمد بن نمير عن أبيه، غرضه بيان متابعة أبي كريب لمحمد بن نمير.