وفيه تنبيه على أن الإنسان بمعرض من إغواء الشيطان كل حين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن الشيطان يجري من بني آم مجرى الدم" فلا ينبغي للمسلم مهما بلغ من التقوى بمكان أن يصير غافلًا عن إغواء الشيطان وإنه ربما يبتدئ بمثل هذه الأشياء التي لا يهتم بها المرء فيحمله على ترك هذه الآداب ثم يتدرج إلى ما هو أشد منه ولئن لم ينتبه الرجل بذلك يقع فريسةً لإضلاله شيئًا فشيئًا أعاذنا الله تعالى من شره ونفثه ونفخه (حتى يحضره عند طعامه) وأكله (فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط) أي فليزل وليمح (ما كان) علق (بها من أذى) ووسخ عنها، حكى أبو عبيد ماطه وأماطه إذا نحاه، وقال الأصمعي: أماطه لا غير ومنه إماطة الأذى ومطت أنا عنه أي تنحيت اهـ صحاح (ثم) بعد إماطة الأذى عنها (ليأكلها ولا يدعها) أي لا يترك تلك الساقطة (للشيطان) هذا أمر على جهة الاحترام لتلك اللقمة فإنها من نعم الله تعالى لم تصل إلى الإنسان حتى سخر الله فيها أهل السماوات والأرض، وقوله (ولا يدعها للشيطان) يعني أنه إذا تركها ولا يرفعها فقد مكن الشيطان منها إذ قد تكبر عن أخذها ونسي حق الله تعالى فيها وأطاع الشيطان في ذلك وصارت تلك اللقمة مناسبة للشيطان إذ قد تكبر عليها وهو متكبر فصارت طعامه وهذا كله ذم لحال التارك وتنبيه على تحصيل غرض الشيطان من ذلك اهـ مفهم (فإذا فرغ) من أكله (فليلعق أصابعه فإنه لا يدري في أي) أجزاء (طعامه تكون البركة).
ثم ذكر رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا فقال:
٥١٦٥ - (٠٠)(٠٠)(وحدثناه أبو كريب وإسحاق بن إبراهيم جميعًا عن أبي معاوية عن الأعمش بهذا الإسناد) يعني عن أبي سفيان عن جابر. غرضه بيان متابعة أبي