للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَعَادَ يَدْعُوهُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "وَهذِهِ؟ " قَال: لَا. قَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لَا". ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "وَهذِهِ؟ " قَال: نَعَمْ. في الثَّالِثَةِ. فَقَامَا يَتَدَافَعَانِ حَتَّى أَتَيَا مَنْزِلَهُ

ــ

دعوتك إلا معها (فعاد) أي رجع الفارسي ثانيًا حالة كونه (يدعوه) صلى الله عليه وسلم إلى طعام (فقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم و) هل تدعو (هذه) القرينة معي (قال) الفارسي (لا) أدعوها ف (قال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم لا) أجيب دعوتك حتى تدعوها معي (ثم عاد) الفارسي ثالثًا حالة كونه (يدعوه) صلى الله عليه وسلم (فقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم و) هل تدعو (هذه) الصاحبة معي (قال) الفارسي (نعم) أدعوها معك (في) المرة (الثالثة فقاما) أي قام النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة مجيبين للدعوة حالة كونهما (يتدافعان) أي يمشي كل واحد منهما في إثر صاحبه اهـ نووي، أو المعنى يتماشيان معًا كل واحد منهما جنب صاحبه (حتى أتيا) وجاءا (منزله) أي منزل الفارسي.

قال النووي: وهذه قضية أخرى محمولة على أنه كان هناك عذر يمنع وجوب إجابة الداعي فكان مخيرًا بين إجابته وتركها فاختار أحد الجائزين وهو تركها إلا أن يأذن لعائشة معه لما كان بها من الجوع أو نحوه فكره صلى الله عليه وسلم الاختصاص بالطعام دونها وهذا من جميل المعاشرة وحقوق المصاحبة وآداب المجالسة المؤكدة فلما أذن لها اختار الجائز الآخر لتجدد المصلحة وهو حصول ما كان يريده من إكرام جليسه وإيفاء حق معاشره ومواساته فيما يحصل، ولعل الفارسي إنما لم يدع عائشة أولًا لكون الطعام قليلًا فأراد توفيره على رسول الله صلى الله عليه وسلم اهـ منه، وقال القاضي: يحتمل أنه إنما صنع له قدر ما يكفيه لما به من الجوع فرأى أن حضور غيره معه مما يضر به في سد خلته فامتنع صلى الله عليه وسلم من الإجابة لكرم خلقه صلى الله عليه وسلم وحسن عشرته مع ما كانت عليه عائشة من المنزلة لديه، ومثل هذا قول مالك: من أراد أن يكرم رجلًا فليبعث به إليه فإنه يقبح بالرجل أن يأكل دون أهله اهـ، وقال الحافظ في الفتح [٩/ ٥٦١]: فالمستحب للداعي أن يدعو خواص المدعو معه كما فعل اللحام بخلاف الفارسي فلذلك امتنع من الإجابة إلا أن يدعوها أو علم حاجة عائشة لذلك الطعام بعينه أو أحب أن تأكل معه منه لأنه كان موصوفًا بالجود ولم يعلم مثله في قصة

<<  <  ج: ص:  >  >>