اللحام فلا معارضة بين القصتين كما مرت الإشارة إليه هناك.
قال القرطبي: قوله (كان طيب المرق) فيه دليل على جواز تطييب الأطعمة والاعتناء بها ولا خلاف في جواز ذلك بين الأئمة، وامتناع الفارسي من الإذن لعائشة رضي الله تعالى عنها أولى ما قيل فيه أنه إنما كان صنع من الطعام ما يكفي النبي صلى الله عليه وسلم وحده للذي رأى عليه من الجوع فكأنه رأى أن مشاركة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك يجحف بالنبي صلى الله عليه وسلم، وامتناع النبي صلى الله عليه وسلم من إجابة الفارسي عند امتناعه من إذن عائشة إنما كان والله أعلم لأن عائشة كان بها من الجوع مثل الذي كان بالنبي صلى الله عليه وسلم فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يستأثر عليها بالأكل دونها وهذا تقتضيه مكارم الأخلاق وخصوصًا مع أهل بيت الرجل ولذلك قال بشر بن المغيرة بن المهلب بن أبي صفرة:
وكلهم قد نال شبعًا لبطنه ... وشبع الفتى لؤم إذا جاع صاحبه
وقد نبه مالك على هذا المعنى حين سئل عن الرجل يدعو الرجل يكرمه؟ قال: إذا أراد فليبعث بذلك إليه يأكله مع أهله، وفي هذين الحديثين أبواب من الفقه من تتبعها ظفر بها أه كما ذكرها الحافظ فيما مر.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٣/ ١٢٣] والنسائي في الطلاق برقم [٣٤٣٦]، والله تعالى أعلم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب أحد عشر حديثًا الأول حديث أبي قتادة ذكره للاستدلال على الجزء الأول من الترجمة، والثاني حديث أنس الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثالث حديث أنس الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والرابع حديث سهل بن سعد الساعدي ذكره للاستشهاد به وذكر فيه متابعة واحدة، والخامس حديث ابن عباس ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والسادس حديث كعب بن مالك ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثلاث متابعات، والسابع حديث جابر ذكره للاستشهاد وذكر فيه خمس متابعات، والثامن حديث أنس الثالث ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة مفصولة عنه بسبب تحريف النساخ،