معهم (وليس عندنا ما نطعمهم) وهذا قول على مقتضى العادة (فقالت) أم سليم (الله ورسوله أعلم) بشأنهم وما يطعمهم، وهذا قول أخرجه نظرها إلى إمكان خرق العادة ورجاء بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم كالذي كان اه مفهم. كأنها عرفت أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك عمدًا لتظهر المعجزة في تكثير الطعام القليل ودل ذلك على فطنة أم سليم ورجحان عقلها.
(قال) أنس (فانطلق أبو طلحة) من البيت لاستقبال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما أخبرته الخبر (حتى لقي) ورأى أبو طلحة (رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي وصل إلى البيت (معه) أي مع أبي طلحة (حتى دخلا) أي دخل أبو طلحة ورسول الله صلى الله عليه وسلم البيت والناس جلسوا خارج البيت (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) لأم سليم (هلمي) أي هاتي (ما عندك) من الطعام (يا أم سليم) والمشهور أن هلم لا يؤنث ولا يثنى ولا يجمع كما في قوله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَينَا} ولكن فيه لغة حجازية مثل ما في الحديث كما بسطنا الكلام عليه في حاشيتنا على كشف النقاب فراجعه (فأتت) أم سليم (بذلك الخبز) الذي أرسلتني به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأمر به) أي أمر بفت ذلك الخبز وتقطيعه قطعًا قطعًا كالثريد (رسول الله صلى الله عليه وسلم ففت) ذلك الخبز وقطع قطعًا صغارًا ليجعلوه ثريدًا، والفت كسر الخبز وجعله قطعًا كما يفعل في الثريد (وعصرت عليه) أي على ذلك الخبز المقطع (أم سليم عكة لها) أي بقايا ما فيها من السمن، والعكة بضم العين وتشديد الكاف إناء صغير من جلد مستدير يجعل فيها السمن غالبًا والعسل والنحي أكبر منه (فأدمته) أي جعلت ما في العكة إدامًا لذلك الخبز أي صيرت ما عصرته من العكة إدامًا له (وأدمته) بمد الألف وقصرها لغتان يقال آدمته رباعيًّا وأدمته ثلاثيًّا أي جعلت فيه إدامًا اهـ نووي، أي جعلت السمن في الخبز وهو الإدام فصار الخبز مأدومًا