اهـ قرطبي (ثم) بعد ما أدمته أم سليم (قال) ودعا (فيه) أي في ذلك الخبز (رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله) سبحانه (أن يقول) ويدعوفيه أي دعا فيه بالبركة، ووقع في مسند أحمد برواية مبارك بن فضالة (فقال) أي النبي صلى الله عليه وسلم: "هل من سمن؟ " فقال أبو طلحة: قد كان في العكة سمن فجاء بها فجعلا يعصرانها حتى خرج ثم مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم به سبابته ثم مسح القرص فانتفخ، وقال:"بسم الله" فلم يزل يصنع ذلك والقرص ينتفخ حتى رأيت القرص في الجفنة يتميع) (ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة (ائذن لعشرة) من الناس ليدخلوا فيأكلوا، دعاهم عشرة عشرة ليتسع لهم المكان حول الصحفة ولئن اجتمعوا جميعًا ما تمكنوا من الجلوس حولها، وقال النووي: إنما أذن لعشرة عشرة ليكون أرفق بهم فإن القصعة التي فت فيه تلك الأقراص لا يتحلق عليها أكثر من عشرة إلا بضرر يلحقهم لبعدها عنهم والله أعلم اهـ، قال القرطبي: فيه استحباب اجتماع هذا العدد على جفنة واحدة عند كثرة الناس لكن هذا إذا لم تحمل الجفنة أكثر من ذلك فلو كانت كجفنة الركب- هم أصحاب الإبل في السفر- لأكل عليها أكثر من هذا العدد (فأذن) أبو طلحة (لهم) أي لعشرة منهم فدخلوا (فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة (ائدن لعشرة) منهم (فأذن لهم) فدخلوا (فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال ائذن لعشرة) وما زال النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك لأبي طلحة وأبو طلحة يأذن لهم (حتى أكل لقوم كلهم وشبعوا، والقوم) أي جملتهم (سبعون رجلًا أو) قال أنس (ثمانون) رجلًا والشك من إسحاق بن عبد الله فيما قاله أنس (قوله فأكلوا حتى شبعوا) فيه دليل على جواز الشبع خلافًا لمن كرهه مطلقًا وهم قوم من المتزهدة لكن الذي يكره منه ما يزيد على الاعتدال وهو الأكل بكل البطن حتى لا يترك للماء ولا للنفس مساغًا وقد ينتهي هذا إلى تجاوز الحد فيحكم عليه بالتحريم كما تقدم، وكونه صلى الله عليه وسلم أكل بعدهم إنما كان ذلك لأنه هو الذي أطعمهم ببركة دعائه فكان آخرهم أكلًا