متواضعًا ويجتنب هيئة المتكبرين ولذلك ورد قوله صلى الله عليه وسلم:"أما أنا فلا آكل متكئًا" أخرجه البخاري وغيره والمتكئ هنا هو المعتمد على الوطاء الذي تحته وكل من استوى قاعدًا على وطاء فهو متكئ والاتكاء افتعال مأخوذ من الوكاء فالمتكئ هو الذي أوكى مقعدته وشدها بالقعود على الوطاء الذي تحته، والمعنى أني إذا أكلت لم أقعد متمكنًا على الأوطية والوسائد فعل من يريد أن يستكثر من الأطعمة ويتوسع في الألوان ولكني آكل علقة وآخذ من الطعام بلغة فيكون قعودي مستوفزًا له".
والحاصل أن الأكل متكئًا إن كان للتكبر فهو ممنوع مطلقًا وإن كان لعذر فهو جائز بدون كراهة وإن كان للارتياح والتمكن من استكثار الطعام فهو خلاف الأولى، وذكر العلماء أن أدب الأكل أن يجلس الرجل جاثيًا على ركبته وظهور قدميه أو ينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى ذكره العيني في العمدة والحافظ في الفتح [٩/ ٥٤٢] أما الجلوس متربعًا بلا إسناد الظهر إلى ما خلفه أو الميلان على أحد الشقين فالظاهر أنه جائز بدون كراهة لعدم ما يدل على كراهته، أما ما ذكره الخطابي من إدخاله في الاتكاء فلم أره عند غيره ولئن صح فإنه يمكن أن يكون هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٣/ ١٨٠] , وأبو داود في الأطعمة [٣٧٧١].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
٥١٩٣ - (٠٠)(٠٠)(وحدثنا زهير بن حرب و) محمَّد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (جميعًا عن سفيان) بن عيينة (قال ابن أبي عمر حدثنا سفيان بن عيينة عن مصعب بن سليم) الأسدي الكوفي (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه. وهذان السندان من رباعياته، غرضه بيان متابعة سفيان بن عيينة لحفص بن غياث (قال) أنس (أتي) بالبناء للمجهول (رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر فجعل النبي صلى الله عليه وسلم) أي