شرع (يقسمه) أي يقسم التمر بين الناس (وهو) صلى الله عليه وسلم (محتفز) بالحاء المهملة وبالزاي أي مستعجل مستوفز أي متهيء للقيام غير متمكن في جلوسه وهو بمعنى قوله مقعيًا، وهو معنى قوله في الحديث الآخر في صحيح البخاري وغيره "لا آكل متكئًا" على ما فسره الإِمام الخطابي فإنه قال المتكئ هنا هو المتمكن في جلوسه من التربع وشبهه المعتمد على الوطاء تحته .. إلخ اهـ نووي، لا ما يحسبه أكثر العامة من أن المتكئ هو المائل المعتمد على أحد شقيه متوسدًا لا يعرفون غيره، حالة كونه (يأكل منه) أي من ذلك التمر (أكلًا ذريعًا) أي سريعًا مستعجلًا غير متباطئ فيه وكان استعجاله صلى الله عليه وسلم في أكله لاستيفازه واستعداده لشغل آخر هو أهم من الأكل فأسرع الأكل ليقضي حاجته منه ويرد الجوعة ثم يذهب في ذلك الشغل (وفي رواية زهير) ابن حرب (أكلًا حثيثًا) بمثلثتين بينهما ياء ساكنة بدل قول ابن أبي عمر (أكلًا ذريعًا) وهما بمعنى واحد.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة وهو الإقران بين تمرتين فأكثر عند الأكل مع الجماعة بحديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
٥١٩٤ - (٢٠٥٤)(٦٩)(حدثنا محمَّد بن المثنى حدثنا محمَّد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت جبلة) بفتحات (بن سحيم) بمهملتين مصغرًا التيمي أبا سويرة الكوفي، ثقة، من (٣) روى عنه في (٥) أبواب (قال) جبلة (كان) عبد الله (بن الزبير) رضي الله عنهما في عهد خلافته في الحجاز (يرزقنا) أي يعطينا (التمر) في أرزاقنا، وهو القدر الذي يصرف لهم كل سنة من مال الخراج وغيره بدل النقد تمرًا لقلة النقد إذ ذاك بسبب المجاعة التي حصلت كذا في فتح الباري [٩/ ٥٧٥](قال) جبلة (وقد كان) الشأن كان إما شائية أو زائدة أي وقد (أصاب الناس يومئذ) أي يوم إذ يرزقنا ابن الزبير تمرًا (جهد) بفتح الجيم أي مشقة وشدة ومجاعة وبضمها بمعنى الجد والاجتهاد في الشيء وليس مرادًا هنا والمراد بالمشقة هنا القحط كما هو مصرح في رواية البخاري في الأطعمة