فَقَالتْ: هذِهِ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ. فَلَمَّا قُبِضَتْ قبَضْتُهَا. وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَلبَسُهَا. فَنَحنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا
ــ
بكفة من حرير أي مخيطين بخرقة من حرير كذا في المرقاة، وفي النووي: ومعنى المكفوف أنه جعل لها كفة بضم الكاف وتشديد الفاء وهو ما يكف به جوانبها ويعطف عليها وبكون ذلك في الذيل وفي الفرجين وفي الكمين اهـ. وإنما أخرجت أسماء جبة النبي صلى الله عليه وسلم وهي مكفوفة بالحرير لترى أن الثوب والجبة والعمامة ونحوها إذا كان مكفوف الطرف بالحرير جاز ما لم يزد على أربع أصابع فإن زاد فهو حرام لما سيأتي من حديث عمر رضي الله عنه (فقالت) معطوف على أخرجت أي أخرجت فقالت (هذه) الجبة التي أخرجتها إليك (كانت عند) أختي (عائشة) رضي الله تعالى عنها مدة حياتها (حتى قبضت) وماتت عائشة (فلما قبضت) وماتت عائشة (قبضتها) أي أخذتها وحفظتها عندي (وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها) في حال حياته (فنحن نغسلها) الآن (للمرضى) حالة كونها (يستشفى بها) يطلب الشفاء من الأمراض بشرب غسالتها والتمسح بها ففيه التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم. قال القرطبي:(قول أسماء هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم) تحتج بذلك على جواز العلم من الحرير فإن الجبة كانت فيها لبنة من حرير وكانت مكفوفة بالحرير، ووجه الاحتجاج بذلك أنه إذا كان القليل من الحرير المصمت المخيط في الثوب جائزًا كان العلم بالجواز أولى ولا يلتفت إلى قول من قال إن ذلك الحرير وضع في الجبة بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لو كان كذلك لما احتجت به أسماء ولكان الواضع معروفًا عندهم فإن الاعتناء بتلك الجبة كان شديدًا وتحفظهم بها كان عظيمًا لأنها من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم المتداولة عندهم للتذكر والتبرك والاستشفاء فيبعد ذلك الاحتمال بل يبطل بدليل قولها هذه كانت عند عائشة رضي الله تعالى عنها إلى آخر الكلام فتأمله فإنه يدل على ذلك دلالة واضحة اهـ من المفهم.
وحديث أسماء هذا سنده من خماسياته لأن مولاها عبد الله بن كيسان رواه عنها، وغرضه بسوقه الاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة.
وشارك المؤلف في روايته أبو داود أخرجه في اللباس باب الرخصة في العلم في الثوب [٤٠٥٤].
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما فقال: