للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ"

ــ

مع إضمار أن المصدرية أي هي أن تطعم الطعام للمحتاج، نظير قولهم: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، وحذفت أن المصدرية التي تخلص الفعل للاستقبال ليأتي الفعل بصورة المحتمل للحال إظهارًا للرغبة في حصوله والتعجيل به للمحتاج إليه، وبصورة المضارع لتصور حالته العظيمة؛ التي أثنى الله سبحانه بها على مطعمه بقوله: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} وللرغبة في تجدد إعطائه واستمراره وصرح بمفعوله الذي هو الطعام احتراسًا من توهم التجوز بتطعم عن حديث حسنٍ أو علمٍ أو غير ذلك، و"تطعم" من الخطاب العام، وليس المقصود السائل فقط، أي تطعم يا من يصح منه الإطعام، ولما روي: "حكمي على الواحد حكمي على الجماعة" و (الطعام) اسم للمطعوم المقتات، وهو عند الفقهاء ما يعد طعامًا لا دواءً، وعند الأطباء ما يُنمِّي الأبدان وفي الكلام حذف مفعول ثانٍ، وهو الأول في الحقيقة والرتبة، لأنه فاعل في المعنى، أي المحتاج أو السائل ونحوه وحذف للعلم به أو يُنزَّل الفعل بالنسبة إليه كالقاصر عنه ليفيد العموم في المحتاج وغيره دفعًا للتحكم في تقديره مفعول دون آخر، والمراد إيجاد حقيقة الإطعام، وعن البيهقي يحتمل إطعام المحاويج أو الضيافة أو هما جميعًا، وللضيافة في التحابب والتآلف أثر عظيم انتهى من السنوسي وقوله (وتقرأ السلام) معطوف على تطعم أي وتلك الخصال النافعة لفاعلها إطعامُ الطعام للمحاويج وغيرهم، وقراءتك السلام أي التحية (على من عرفتـ) ـه (ومن لم تعرفـ) ـه إذا كانوا مسلمين، أي وأن تسلم على كل من لقيته، عرفته أم لم تعرفه، ولا تخص به من تعرفه كما يفعله كثير من الناس، ثم إن هذا العموم مخصوص بالمسلمين، فلا يسلم ابتداءً على كافر، قال القاضي: بذل السلام لكل أحدٍ دليل على أنه مُبتغىً به وجه الله تعالى، ولما كان التآلف والتواد به نظام شمل الإسلام، وهو أحد أركان الشريعة حض صلى الله عليه وسلم على السبب الجالب لذلك من الإطعام وإفشاء السلام والتهادي، كما نهى عن ضد ذلك من التقاطع والتدابر والتجسس والنميمة وذي الوجهين اهـ ع.

قال النواوي: وخص الخصلتين بالذكر لعلمه من السائل التساهُلَ فيهما، لأن جوابه كان بحسب ما يفهم، قلت: وإلا فليستا بخير مطلقًا، قال السنوسي: والمراد بالسلام التحية بين الناس، وهو مما يزرع الود والمحبة في القلوب كما يفعل الإطعام وقد يكون في قلب المحبين ضغن فيزول بالتحية وقد يكون عدوا فينقلب بها صديقًا ولقد

<<  <  ج: ص:  >  >>