أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمنِ يَقُولُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ أَن رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَال لَهُ:"فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ. وَفِرَاشٌ لا مْرَأَتِهِ. وَالثَّالِثُ لِلضَّيفِ. وَالرَّابعُ لِلشيطَانِ"
ــ
الخولاني حميد بن هانئ المصري، لا بأس به، من (٥) روى عنه في (٤) أبواب (أنه سمع أبا عبد الرحمن) الحبلي المعافري عبد الله بن يزيد المصري (يقول) أي يحدث (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم مصريون إلا جابرًا (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له "فراش للرجل وفراش لامرأته والثالث للضيف والرابع للشيطان") قال القرطبي: وهذا دليل على جواز اتخاذ الإنسان من الفرش والآلة ما يحتاج إليه ويترفه به، وهذا الحديث إنما جاء مبينًا لعائشة ما يجوز للإنسان أن يتوسع فيه ويترفه من الفرش لأن الأفضل أن يكون له فراش يختص به ولامرأته فراش فقد كان صلى الله عليه وسلم لم يكن له إلا فراش واحد في بيت عائشة، وكان فراشًا ينامان عليه في الليل ويجلسان عليه في النهار، وأما فراش الضيف فيتعين للمضيف إعداده له لأنه من باب إكرامه والقيام بحقه ولأنه لا يتأتى له شرعًا الاضطجاع ولا النوم مع المضيف وأهله على فراش واحد.
ومقصود هذا الحديث أن الرجل إذا أراد أن يتوسع في الفرش فغايته ثلاث والرابع لا يحتاج إليه فهو من باب السرف. وفقه هذا الحديث ترك الإكثار من الآلات والأمور المباحة والترفه بها وأن يقتصر على حاجته، ونسبة الرابع للشيطان ذم له لكن لا يدل على تحريم اتخاذه وإنما هذا من باب قوله صلى الله عليه وسلم:"إن الشيطان يستحل الطعام الذي لا يذكر اسم الله عليه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه" ولا يدل ذلك على التحريم لذلك الطعام والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.
وقوله (فراش للرجل) سوغ الابتداء بالنكرة وصفه بصفة محذوفة دل عليها قوله والثالث للضيف والرابع للشيطان تقديرها فراش واحد كاف للرجل أفاده الطيبي. قوله (والرابع للشيطان) أي لأنه يرتضيه ويأمر به فكأنه له أو لأنه إذا لم يحتج إليه كان مبيته ومقيله وهو الأولى فإنه مع إمكان الحقيقة لا وجه للعدول إلى المجاز اهـ مرقاة، وقال النووي: وأما تعديد الفراش للزوج والزوجة فلا بأس به لأنه قد يحتاج كل واحد منهما إلى فراش عند المرض ونحوه اهـ.