للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَصَنَعَ النَّاسُ. ثُمَّ إِنَّهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَعَهُ. فَقَال: "إِنِّي كُنْتُ أَلْبَسُ هذَا الْخَاتَمَ وَأَجْعَلُ فَضَّهُ مِنْ دَاخِلٍ" فَرَمَى بِهِ. ثُمَّ قَال: "وَاللهِ، لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا" فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. وَلَفْظُ الْحَدِيثِ لِيَحْيَى

ــ

تختم في الخنصر من اليد اليسرى رواه مسلم [٢٠٩٥] وكل جائز إلا أن مالكًا رأى أن التختم في الأيسر أولى لأن لباس الخاتم من الأفعال التي تُنَاوَلُ باليمين فيجعله في الشمال باليمين إذ ليس من الأفعال الخسيسة بل يتناوله قوله صلى الله عليه وسلم "إذا لبستم وتوضأتم فابدؤوا بأيمانكم" اهـ من المفهم.

(فصنع) أي فاصطنع (الناس) الخواتيم لأنفسهم (ثم إنه) صلى الله عليه وسلم (جلس) يومًا (على المنبر فنزعه) أي فخلع ذلك الخاتم من يده (فقال إني كنت ألبس هذا الخاتم) الذي اصطنعه من الذهب (وأجعل فصه من داخل) الكف، ففيه تنبيه على أن جعل الفص من داخل أولى لبعده عن التكبر كما مر آنفًا، وقوله (فرمى به) معطوف على قوله فنزعه (ثم) بعد نزعه ورميه (قال والله لا ألبسه أبدًا) ولا شك أن اصطناعه صلى الله عليه وسلم خاتمًا من ذهب ولبسه قبل أن يعلم له صلى الله عليه وسلم حرمته ثم لما أعلم أن لبسه حرام نزعه ونبذه وحلف أن لا يلبسه أبدًا. وفي الزرقاني طرحه لتحريم لبس الذهب حينئذ على الرجال أو لكراهة مشاركتهم له أو لما رأى من زهوهم بلبسه اهـ وجعل فصه في باطن كفه لأنه أبعد من الإعجاب والزهو والله أعلم (فنبذ) أي طرح (الناس خواتيمهم .. ولفظ الحديث) المذكور (ليحيى) بن يحيى، وأما محمد بن رمح وقتيبة فرويا نحوه.

قوله (وأجعل فصه من داخل) قال السنوسي: ليس في لبسه على هذا الوجه أمر منه صلى الله عليه وسلم لكن الاقتداء به حسن فيجوز جعل الفص في البطن والظهر وعمل السلف بالوجهين وممن جعله في الظهر ابن عباس، وقيل لمالك: أيجعل الفص في باطن اليد؟ قال: لا، يعني أنه ليس بلازم اهـ. قال في المرقاة: لعل وجه بعض السلف في المخالفة عدم بلوغهم الحديث المقتضي للمتابعة اهـ. قوله (فنبذ الناس خواتيمهم) قال النووي: فيه بيان ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من المبادرة إلى امتثال أمره صلى الله عليه وسلم ونهيه والاقتداء بأفعاله اهـ. والخواتيم هنا بالياء، قال في القاموس: الخاتم بفتح التاء وكسرها جمعه خواتم وخواتيم اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>