وغيره الإجماع على أن الأمر فيه للاستحباب اهـ فتح الباري [١٠/ ٣١٢](ولينعلهما جميعًا) بضم الياء وكسر العين أمر من الإفعال واللام لام الأمر للغائب أي وليلبس النعلين جميعًا أي كلًّا منهما (أو ليخلعهما جميعًا) أي أو لينزعهما جميعًا أي كلًّا منهما أي فلا يلبس إحداهما وينزع الأخرى لأن ذلك لبسة الشيطان، قال الخطابي: الحكمة في النهي عن ذلك أن النعل شرعت لوقاية الرجل عما يكون في الأرض من شوك أو نحوه فإذا انفردت إحدى الرجلين احتاج الماشي أن يتوقى لإحدى رجليه ما لا يتوقى للأخرى فيخرج بذلك من سجية مشيه ولا يأمن مع ذلك العثار، وقيل لأنه لم يعدل بين جوارحه وربما نسب فاعل ذلك إلى اختلال الرأي أو ضعفه. وقال ابن العربي: قيل العلة فيه أنها مشية الشيطان، وقيل لأنها خارجة عن الاعتدال. وقال البيهقي: الكراهة فيه للشهرة فتمتد الأبصار إلى من ترى منه ذلك، وقد نهي عن الشهرة في اللباس اهـ فتح الباري [١٠/ ٣١].
وقال القرطبي: وقوله (ولينعلهما جميعًا أو ليخلعهما جميعًا) هذا خطاب لمن انقطع شسع إحدى نعليه فنهاه أن يمشي في نعل واحدة لأن ذلك من باب التشويه والمثلة ولأنه مخالف لزي أهل الوقار وقد يخل بالمشي وهذا كما جاء في الحديث المفسر بعد هذا ويجيء حديث أبي هريرة الذي قال فيه: "إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمشي في الأخرى حتى يصلحها" وقد اختلف علماؤنا في ذلك فقال مالك بظاهر هذا الحديث: إن من انقطع نعله لم يمش في الأخرى ولا يقف فيها وإن كان في أرض حارة ليحفها ولا بد حتى يصلح الأخرى من الوقوف الخفيف والمشي اليسير، وقد رخص بعض السلف في المشي في نعل واحدة وهو قول مردود بالنصوص المذكورة، ولا خلاف في أن أوامر هذا الباب ونواهيه إنما هي من الآداب المكملة وليس شيء منها على الوجوب ولا الحظر عند كل معتبر قوله من العلماء والله تعالى أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ٤٦٥]، والبخاري في اللباس باب ينزع نعله اليسرى [٥٨٥٦]، وأبو داود في اللباس باب الانتعال [٤١٣٩]، والترمذي في اللباس باب ما جاء بأي رجل يبدأ إذا انتعل [١٧٧٩]، وابن ماجه في اللباس باب لبس النعال وخلعها [٣٦٦].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال: