للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال مَالِكٌ: أُرَى ذلِكَ مِنَ الْعَينِ

ــ

للزينة فلا بأس به اهـ. قال النووي: قوله (قلادة من وتر أو قلادة) هكذا هو في جميع النسخ قلادة من وتر أو قلادة فقلادة الثانية مرفوعة معطوفة على قلادة الأولى؛ ومعناه أن الراوي شك هل قال قلادة من وتر أو قال قلادة فقط ولم يقيدها بالوتر (قال مالك) بن أنس أحد رواة الحديث (أرى ذلك) النهي وأظنه لمن فعل ذلك التقليد (من العين) أي لأجل دفع إصابة عين الناس للإبل، وأما من فعله لغير ذلك من زينة أو غيرها فلا بأس به.

قال القرطبي: قوله (قلادة من وتر) .. الخ يعني بالوتر وتر القوس ولا معنى لقول من قال إنه يعني بذلك الوتر الذي هو الذحل وهو طلب الثأر لبعده لفظًا ومعنى (وقول مالك أرى ذلك من العين) يعني أنهم كانوا يتعوذون بتعليق أوتار قسيهم في أعناق إبلهم من العين فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطعها لأجل توقع ذلك وظاهر قول مالك خصوصية ذلك بالوتر ولذلك أجازه ابن القاسم بغير الوتر، وقال بعض أصحابنا: فيمن قلد بعيره شيئًا ملونًا فيه خرز إن كان للجمال فلا بأس به.

واختلف العلماء في تقليد البعير وغيره من الحيوان والإنسان ما ليس بتعاويذ قرآنية مخافة العين فمنهم من نهى عنه ومنعه قبل الحاجة وأجازه عند الحاجة إليه، ومنهم من أجازه قبل الحاجة وبعدها كما يجوز الاستظهار بالتداوي قبل حلول المرض، وقال غير مالك: إن الأمر بقطع الأوتار إنما كان مخافة أن يختنق به البعير عند الرعي أو يحتبس بغصن من أغصان الشجرة كما اتفق لناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدها ثم وجدها قد حبستها شجرة والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.

قوله (قلادة من وتر) بفتح الواو والتاء وهو وتر القوس، قال ابن الجوزي: وفي المراد بالأوتار ثلاثة أقوال؛ أحدها: أنهم كانوا يقلدون الإبل أوتار القسي لئلا تصيبها العين بزعمهم فأمروا بقطعها إعلامًا بأن الأوتار لا ترد من أمر الله تعالى شيئًا، وهذا هو الذي اختاره الإمام مالك كما هو مصرح في آخر الحديث. الثاني: لئلا تختنق الدابة بها عند الركض ويحكى ذلك عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، وعن أبي عبيد ما يرجحه فإنه قال نهى عن ذلك لأن الدواب تتأذى بذلك ويضيق عليها نفسها ورعيها وربما تعلقت بشجرة فاختنقت أو تعوقت عن السير. الثالث: أنهم كانوا يعلقون فيها الأجراس ويدل عليه تبويب البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>