ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة وهو ذم الكاسيات العاريات بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
٥٤٤٢ - (٢٠٩٢)(١٥٧)(حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي، ثقة، من (٨)(عن سهيل) بن أبي صالح السمان، صدوق، من (٦)(عن أبيه) أبي صالح السمان ذكوان الزيات (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صنفان) أي نوعان من الناس وسوّغ الابتداء بالنكرة وصفه بصفة محذوفة كما قدرناه كائنان (من أهل النار) يعذبان بها في الآخرة لشدة جريمتهم (لم أرهما) الآن، قال المناوي: أي لم يوجدا في عصري لطهارة ذلك العصر بل حدثا بعده اهـ أي وجدا بعد عصره صلى الله عليه وسلم وهذا لا شك من معجزاته صلى الله عليه وسلم فإنه إخبار عما سيقع قبل وقوعه وهو كما أخبر وقع والله أعلم اهـ ذهني.
وعبارة القرطبي هنا قوله (لم أرهما) أي لم يوجد في عصره صلى الله عليه وسلم منهما أحد لطهارة أهل ذلك العصر الكريم ويتضمن ذلك أن ذينك الصنفين سيوجدان وكذلك كان فإنه خلف بعد تلك الأعصار قوم يلازمون السياط المؤلمة التي لا يجوز أن يضرب بها في الحدود قصدًا لتعذيب الناس فإن أمروا بإقامة حد أو تعزير تعدوا المشروع في ذلك في الصفة والمقدار، وربما أفضى بهم الهوى وما جبلوا عليه من الظلم إلى هلاك المضروب أو تعظيم عذابه وهذا أحوال الشرط بالمغرب والعوانية في هذه البلاد، وبالجملة فهم سخط الله عاقب الله بهم شرار خلقه غالبًا نعوذ بالله من سخطه في الدنيا والآخرة اهـ من المفهم كما ذكره بقوله أحدهما (قوم) ظلمة فسقة من الولاة (معهم سياط) جمع سوط وهو آلة للضرب معروف (كأذناب البقر) في طولها وغلظها كما هي في الحبشة معروفة من جلود مقددة مضفورة لها لسانان فأكثر تشق الجلد وتخرج الدم في أول مرة (يضربون بها) أي بتلك السياط (الناس) ظلمًا في أصلها أو بالزيادة فيها قدرًا وصفة في الحدود والتعزيرات، قال الساعاتي في بلوغ الأماني [١٧/ ٣٠٢] تسمى تلك