للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مُمِيلاتٌ مَائِلاتٌ،

ــ

السياط في ديار الغرب بالمقارع جمع مقرعة وهي جلد طرفها مشدود عرضها كالإصبع، قوله (يضربون بها الناس) ممن اتهم في شيء ليصدق في إقراره، وقيل هم أعوان والي الشرطة المعروفون بالجلادين فإذا أمروا بالضرب تعدوا المشروع في الصفة والمقدار، وقيل المراد بهم في الحديث الطوافون على أبواب الظلمة ومعهم المقاريع يطردون بها الناس وكل ذلك حصل في زماننا نسأل الله السلامة من شرهم، قال القاضي عياض: يحتمل أن ضربهم الناس ظلمًا هو السبب في تعذيبهم بالنار، ويحتمل أن تعذيبهم لمعاص أخر من كفر وغيره وذكر ضربهم كالصفة والتعريف لهم اهـ من الأبي [٥/ ٤١١].

(و) ثانيهما (نساء كاسيات) أي ساترات بعض أبدانهن (عاريات) أي كاشفات بعضها لإظهار جمالها وزينتها للناس وإمالة لقلوبهم إليها، وقيل (كاسيات) أي لابسات ثيابًا رقيقة لا تستر لون جسمها (عاريات) أي كاشفات لون جسمها لأن ثيابها لا تمنع إدراك لونهن، وقيل (كاسيات) للأثواب الظاهرة (عاريات) عن لباس التقوى، وقيل (كاسيات) لنعم الله تعالى (عاريات) عن شكرها.

قال القرطبي: قيل في هذا الكلام قولان أحدهما: أنهن كاسيات بلباس الأثواب الرقاق الرفيعة التي لا تستر حجم عورتها أو تبدي من محاسنها مع وجود الأثواب الساترة عليها ما لا يحل لها أن تبديه كما تفعل البغايا المشتهرات بالفسق. وثانيهما: أنهن كاسيات من الثياب عاريات عن لباس التقوى الذي ذكره الله تعالى بقوله: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيرٌ}.

[قلت] ولا بعد في إرادة القدر المشترك بين هذين النوعين إذ كل واحد منهما عرو وإنما يختلفان بالإضافة اهـ من المفهم.

(مميلات) إليهن قلوب الرجال بما تظهره من جمالهن وزينتهن (مائلات) في مشيتهن يمنة ويسرة متبخترات فيها، قال القرطبي: كذا جاءت الرواية في هاتين الكلمتين (مميلات مائلات) بتقديم مميلات على مائلات وكلاهما من الميل بالمثناة من تحت ومعنى ذلك أنهن يملن في أنفسهن تثنيًا وتصنعًا وتبخترًا ليملن إليهن قلوب الرجال فيميلون إليهن ويفتنهم وعلى هذا فكان حق مائلات أن يقدم على مميلات لأن ميلهن في أنفسهن مقدم في الوجود على إمالتهن قلوب الرجال إليهن، ولكن صح ذلك لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>